للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال يحيى بن الحسن: وحدّثني أبي، قال: سمعت خالصة تقول للعباس بن الفضل بن الربيع: بعث موسى إلى أمّه الخيزُران بأرزَّةٍ، وقال: استطبتُها فأكلتُ منها، فَكلي منها. قالت خالصة: فقلت لها: أمسكي حتى تنظري، فإني أخاف أن يكون فيها شيء تكرهينه، فجاءوا بكلب فأكل منها، فتساقط لحمه، فأرسل إليها بعد ذلك، كيف رأيت الأرزّة؟ فقالت: وجدتها طيّبة، فقال: لم تأكلي، ولو أكلتِ لكنتُ قد استرحتُ منك، متى أفلح خليفة له أمّ! .

قال وحدّثني بعضُ الهاشميين، أنَّ سبب موت الهادي كان أنه لمَّا جدّ في خلع هارون والبيعة لابنه جعفر، وخافت الخيزُران على هارون منه، دسّت إليه من جواريها لمَّا مرض مَنْ قتله بالغمّ والجلوس على وجهه، ووجّهت إلى يحيى بن خالد: إنّ الرجُلَ قد تُوُفِّي، فاجدْد في أمرك ولا تقصِّر.

وذكر محمد بن عبد الرحمن بن بشار أنّ الفضل بن سعيد حدّثه، عن أبيه، قال: كان يتصل بموسى وصولُ القوّاد إلى أمِّه الخيزُران، يؤمّلون بكلامها في قضاء حوائجهم عنده، قال: وكانت تريد أن تغلب على أمره كما غلَبت على أمر المهديّ، فكان يمنعها من ذلك ويقول: ما للنساء والكلام في أمر الرجال! فلما كثر عليه مصيرُ من يصير إليها من قواده، قال يومًا وقد جمعهم: أيما خير؟ أنا أو أنتم؟ قالوا: بل أنت يا أمير المؤمنين، قال: فأيما خيرٌ، أمِّي أو أمهاتكم؟ قالوا: بل أمّك يا أمير المؤمنين، قال: فأيكم يحبّ أن يتحدّث الرجال بخبر أمه، فيقولوا: فعلتْ أمّ فلان، وصنعت أم فلان، وقالت أم فلان؟ قالوا: ما أحد منا يحبّ ذلك، قال: فما بالُ الرجال يأتون أمي فيتحدّثون بحديثها! فلما سمعوا ذلك انقطعوا عنها ألبتَّةَ، فشقّ ذلك عليها فاعتزلتْه، وحلفتْ ألّا تكلمه، فما دخلت عليه حتى حضرته الوفاة.

[[ذكر الخبر عما كان من خلع الهادي للرشيد]]

وكان السبب في إرادة موسى الهادي خلْع أخيه هارون حتى اشتدّ عليه في ذلك وجدّ - فيما ذكر صالح بن سليمان - أنّ الهاديَ لما أفضت إليه الخلافة أقرّ يحيى بن خالد على ما كان يلي هارون من عمل المغرب، فأراد الهادي خلعَ هارون

<<  <  ج: ص:  >  >>