١١٨٤ - ومما كان في هذه السنة - أعني: سنة ثمان وثلاثين - إظهار الخِرّيت بن راشد في بني ناجية الخلاف على عليّ، وفراقُه إياه؛ كالذي ذكر هشام بن محمد عن أبي مخنف، عن الحارث الأزديّ، عن عمّه عبد الله بن فُقَيم، قال: جاء الخِرِّيت بن راشد إلى عليّ - وكان مع الخِرّيت ثلاثمئة رجل من بني ناجية مقيمين مع على بالكوفة، قَدِموا معه من البصرة، وكانوا قد خرجوا إليه يومَ الجمل، وشَهِدوا معه صِفّينَ والنهروان - فجاء إلى عليّ في ثلاثين راكبًا من أصحابه يسير بينهم حتى قام بين يَديْ عليّ، فقال له: والله يا عليّ لا أطيع أمرَك، ولا أصلّي خلفك، وإنّي غدَا لمُفارِقك! وذلك بعد تحكيم الحَكَمين، فقال له على: ثكِلتْك أمّك! إذَا تعصي ربّك، وتَنكُث عهدَك، ولا تصرّ إلا نفسك، خبِّرني لِمَ تفعل ذلك؟ ! قال: لأنك حكّمتَ في الكتاب، وضعُفتَ عن الحقّ إذ جدّ الجدّ، وركنتَ إلى القوم الذين ظلموا أنفسَهم، فأنا عليك زارٍ، وعليهم ناقِم، ولكم جميعًا مُبَاين، فقال له عليّ: هلمّ أدارِسْك الكتاب، وأناظِرْك في السنن، وأفاتحْك أمورًا من الحقّ أنا أعلَم بها منك، فلعلك تعرف ما أنت له الآن مُنكِر، وتَستبصِر ما أنت عنه الآن جاهل. قال: فإني عائد إليك. قال: لا يستهوينّك الشيطان، ولا يستخفنّك الجهل، وواللهِ لئن استرشدْتني،