للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= آخر الليل {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ} يعني عند سماع صوت العذاب إذا حل بقومه، وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم.
وقوله: {إلا امْرَأَتَكَ} على قراءة النصب: يحتمل أن يكون مستثنى من قوله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} كأنه يقول إلا امرأتك فلا تسر بها، ويحتمل أن يكون في قوله: {وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلا امْرَأَتَكَ} أي فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم، ويقوي هذا الاحتمال قراءة الرفع، ولكن الأول أظهر في المعنى .. والله أعلم.

[عقابهم]:
وقالوا له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة، الملعونين النظراء والأشباه الذين جعلهم الله سلفًا لكل خائن مريب: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}. فلما خرج لوط - عليه السلام - بأهله، وخلصوا من بلادهم وطلعت الشمس فكانت عند شروقها، جاءهم من أمر الله ما لا يرد، ومن البأس الشديد.
قال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (٨٢) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٢ - ٨٣].
{وَأَمْطَرْنَا عَلَيهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} والسجيل فارسي معرب: وهو الشديد الصلب القوي، {مَنْضُودٍ} أي يتبع بعضها بعضًا في نزولها عليهم من السماء {مُسَوَّمَةً} أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه، كما قال: {مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}، وكما قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ}، قال تعالى: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} يعني قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها، وغشاها بمطر من حجارة من سجيل: متتابعة، مسومة، مرقومة، على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط عليه.
قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَينِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَينِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} أي خانتاهما في الدين فلم يتبعاهما فيه، وليس المراد أنهما كانتا على فاحشة -حاشا وكلا- فإن الله لا يُقدِّر على نبي قط أن تبغي امرأته، كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف: ما بغت امرأة نبي قط، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأً كبيرًا.
قال الله تعالى في قصة الإفك، لما أنزل براءة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق، زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا، فعاتب الله المؤمنين وأنَّب وزَجرَ، ووعظ وحذَّر، قال فيما قال: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} أي سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة.
وقوله هنا: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} أي وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في =

<<  <  ج: ص:  >  >>