والأشياء النفيسة ما حظِيَ به عندهم، فرفعوه ورفعوا مرتبته.
فلما بلغ محمد بن إبراهيم ما فعِل بابن أخيه محمد بن إسحاق تنكَّر للسلطان، وبلغ المتوكل عنه أمور أنكرها، فأخبرني بعضهم أنّ تنكّر محمد بن إبراهيم إنما كان لابن أخيه محمد بن إسحاق، واعتلاله عليه بحمْل خراج فارس إليه. وإن محمدًا شكا إلى المتوكل ما كان من تنكر عمّه محمد بن إبراهيم في ذلك، فبسط يده عليه، وأطلق له العمل فيه بما أحبّ، فولّى محمد بن إسحاق الحسينَ بن إسماعيل بن إبراهيم بن مصعب فارسَ، وعزل عمه، وتقدم محمد إلى الحسين بن إسماعيل في قتل عمِّه محمد بن إبراهيم؛ فذُكر أنه لما صار إلى فارس أهدى إليه في يوم النيروز هدايا؛ فكان فيما أهدى إليه حَلْواء، فأكل محمد بن إبراهيم منها، ثم دخل الحسين بن إسماعيل عليه، فأمر بإدخاله إلى موضع آخر وإعادة الحلواء عليه، فأكل أيضًا منها، فعطش فاستسقى، فمنِع الماء، ورام الخروج من الموضع الذي أدخِل إليه؛ فإِذا هو محبوس لا سبيلَ له إلى الخروج؛ فعاش يومين وليلتين، ومات. فحُمل ماله وعياله إلى سامراء على مائة جمل. ولما ورد نعيُّ محمد بن إبراهيم على المتوكل أمرَ بالكتاب فيه إلى طاهر بن عبد الله بن طاهر بالتعزية فكُتِب:
أما بعد، فإن أمير المؤمنين يوجب لك مع كلِّ فائدة ونعمة تهنئتك بمواهب الله وتعْزِيَتَك عن ملمّات أقداره؛ وقد قضى الله في محمد بن إبراهيم مولى أمير المؤمنين ما هو قضاؤه في عباده؛ حتى يكون الفناء لهم والبقاء له. وأمير المؤمنين يعزّيك عن محمد بما أوجب الله لمن عمل بما أمره به في مصائبه؛ من جزيل ثوابه وأجره؛ فليكن الله وما قرّبك منه أوْلى بك في أحوالك كلها؛ فإِنّ مع شكر الله مزيدَه، ومع التسليم لأمر الله رضاه؛ وبالله توفيق أمير المؤمنين. والسلام.
* * *
[ذكر خبر وفاة الحسن بن سهل](١)
وفي هذه السنة تُوفِّيَ الحسنُ بن سهل في قول بعضهم في أوّل ذي الحجة
(١) وذكر الخطيب البغدادي عن إبراهيم بن محمد بن عرفة قال سنة ست وثلاثين يعني ومائتين فيها مات الحسن بن سهل وقد أتت عليه سبعون سنة [تاريخ بغداد/ ٧/ ٣٢٣].