إلى سنة ست وأربعين ومئة، لاشتغال أبي جعفر بأمر ابنَيْ عبد الله بن الحسن؛ إلّا أن بعضهم ذكر أن الحسن بن قحطبة غزا الصَّائفة مع عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام في سنة أربعين، وأقبل قسطنطين صاحب الرّوم في مئة ألف، فنزل جَيْحَان، فبلغه كثرة المسلمين فأحجم عنهم؛ ثم لم يكن بعدها صائفة إلى سنة ست وأربعين ومئة.
وفي هذه السنة سار عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مَرْوان إلى الأندلس، فملّكه أهلُها أمرَهم، فولده ولاتها إلى اليوم.
* * *
وفيها وسَّع أبو جعفر المسجد الحرام، وقيل إنها كانت سنة خَصِبة فسمِّيت سنة الخصب. [٧/ ٥٠٠].
فلما عزل سليمان وولَّى سفيان توارى عبد الله بن عليّ وأصحابه خوفًا على أنفسهم؛ فبلغ ذلك أبا جعفر، فبعث إلى سليمان وعيسى ابني علي، وكتب إليهما في إشخاص عبد الله بن عليّ، وعزم عليهما أن يفعلا ذلك ولا يؤخّراه، وأعطاهما من الأمان لعبد الله بن عليّ ما رضياه له ووثقا به، وكتب إلى سفيان بن معاوية يعلمه ذلك، ويأمره بإزعاجهما واستحثاثهما بالخروج بعبد الله ومَن معه من خاصَته، فخرج سليمان وعيسى بعبد الله وبعامّة قوّاده وخواصّ أصحابه ومواليه، حتى قدموا على أبي جعفر؛ يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ذي الحجّة.
[ذكر خبر حبس عبد الله بن عليّ]
وفيها أمر أبو جعفر بحبس عبد الله بن عليّ، وبحبس مَن كان معه من أصحابه وبقتل بعضهم.
* ذكر الخبر عن ذلك:
ولما قدم سليمان وعيسى ابنا عليّ على أبي جعفر أذِن لهما، فدخلا عليه، فأعلماه حضورَ عبد الله بن عليّ، وسألاه الإذن له، فأنعم لهما بذلك، وشغلهما بالحديث، وقد كان هيأ لعبد الله بن عليّ محبسًا في قصره، وأمر به أن ينصرف