للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى إمامه ليريَه الله عز وجلَّ فيه رأيه، ويعزم له على رشده، وأمره أن يستوثق من الفاسق عليّ بن عيسى وولده وعماله وكتابه، وأن يشدّ عليهم وطأتَه، ويُحلّ بهم سطوتَه، ويستخرج منهم كلّ مال يصحّ عليهم من خراج أمير المؤمنين وفيء المسلمين؛ فإذا استنظف ما عندهم وقِبَلهم من ذلك، نظر في حقوق المسلمين والمعاهدين، وأخذهم بحقّ كلّ ذي حقّ حتى يردُّوه إليهم؛ فإن ثبتت قبَلهم حقوق لأمير المؤمنين وحقوق للمسلمين؛ فدافَعوا بها وجحدوها، أن يصبّ عليهم سوط عذاب الله وأليم نقمته؛ حتى يبلغ بهم الحال التي إنْ تخطَّاها بأدنى أدب، تلفتْ أنفسُهم، وبطلت أرواحهم؛ فإذ! خرجوا من حقّ كلّ ذي حق، أشخصهم كما تشخص العصاة من خُشونة الوطاء وخشونة المطعم والمشرب وغلظ الملبس، مع الثقات من أصحابه إلى باب أمير المؤمنين، إن شاء الله. فاعمل يا أبا حاتم بما عهدتُ إليك، فإني آثرتُ الله وديني على هوايَ وإرادتي، فكذلك فليكن عملُك، وعليه فليكن أمرك، ودبِّر في عمال الكُور الذين تمرّ بهم في صُعودك ما لا يستوحشون معه إلى أمرٍ يريبهم وظنّ يرعبُهم. وابسطُ من آمال أهل ذلك الثغْر ومن أمانهم وعذرهم، ثم اعمل بما يرضي الله منك وخليفته، ومَنْ ولاك الله أمره إن شاء الله. هذا عهدي وكتابي بخطِّي، وأنا أشهد الله وملائكته وحملةَ عرشه وسكان سمواته وكفى بالله شهيدًا.

وكتب أمير المؤمنين بخطِّ يده لم يحضره إلا الله وملائكته.

ثم أمر أن يكتب كتاب هرثمة إلى عليّ بن عيسى في معاونته وتقوية أمره والشدّ على يديه؛ فكتب وظهر الأمر بها؛ وكانت كتب حَمَوَيَهْ وردت على هارون: إنّ رافعًا لم يخلع ولا نزع السَّواد ولا من شايعه، وإنما غايتهم عزل عليّ بن عيسى الذي قد سامهم المكروه.

* * *

[خبر شخوص هرثمة بن أعين إلى خراسان واليًا عليها] (١)

ومن ذلك ما كان من شخوص هرثمة بن أعين إلى خراسان واليًا عليها.


(١) المنتظم (٩/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>