للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي نَجِيح، عن مجاهد: {وَجَعَلْنَا اللَّيلَ وَالنَّهَارَ آيَتَينِ}، قال: ليلًا ونهارًا، كذلك جعلهما الله عزّ وجلّ (١). (١: ٧٧).

ولو صحَّ سندُ أحد الخبرين اللذين ذكرتهما لقلنا به؛ ولكن في أسانيدهما نظر؛ فلم نستجز قطع القول بتصحيح ما فيهما من الخبر عن سبب اختلاف حال الشمس والقمر؛ غير أنا بيقين نعلم أن الله عزَّ وجلَّ خالف بين صفتيهما في الإضاءة لما كان أعلم به من صلاح خلقه باختلاف أمريهما، فخالف بينهما، فجعل أحدهما مضيئًا مُبصرًا به، والآخر ممحوّ الضوء (٢). (١: ٧٨).

وإنما ذكرنا قدر ما ذكرنا من أمر الشمس والقمر في كتابنا هذا، وإن كنا قد أعرضنا عن ذكر كثير من أمرهما وأخبارهما، مع إعراضنا عن ذكر بدء خلق الله السموات والأرض وصفة ذلك، وسائر ما تركنا ذكره من جميع خلق الله في هذا الكتاب؛ لأنَّ قصْدنا في كتابنا هذا ذكرُ ما قدمنا الخبر عنه أنَّا ذاكروه فيه من ذكر الأزمنة وتأريخ الملوك والأنبياء والرسل، على ما قد شرطنا في أول هذا الكتاب، وكانت التأريخات والأزمنة إنما توقَّت بالليالي والأيام التي إنما هي مقادير ساعات جري الشمس والقمر في أفلاكهما علي ما قد ذكرنا في الأخبار التي رويناها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان ما كان قبل خلق الله عزّ ذكره إياهما من خلقه في غير أوقات ولا ساعات ولا ليل ولا نهار (٣). (١: ٧٨/ ٧٩).

ذكر السبب الذي به هلك عدو الله وسولت له نفسه من أجله الاستكبار على ربه عزَّ وجلَّ

قال أبو جعفر: وأوْلى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال كما قال الله عزّ وجل: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}؛ وجائز أن يكون فسوقُه عن أمر ربّه كان من أجل أنه كان من الجنّ، وجائز أن يكون من أجل إعجابه بنفسه لشدة اجتهاده في عبادة ربه، وكثرة


(١) صحيح.
(٢) صحيح.
(٣) صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>