للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلافة هشام بن عبد الملك]

وأمّه عائشة بنت هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكانت حمقاء، أمرها أهلها ألَّا تكلم عبد الملك حتى تلد، وكانت تثنِي الوسائد وتركب الوِسادة وتزجرها كأنها دابّة، وتشتري الكُنْدُر (١) فتمضغه وتعمل منه تماثيل، وتضع التماثيل على الوسائد، وقد سمّت كل تمثال باسم جارية، وتنادي: يا فلانة ويا فلانة؛ فطلقها عبد الملك لحمقها. وسار عبد الملك إلى مُصعب ففتله، فلما قتله بلغه مولد هشام، فسمّاه منصورًا، يتفاءل بذلك، وسمَّته أمه باسم أبيها هشام، فلم ينكر ذلك عبد الملك، وكان هشام يكنى أبا الوليد.

وذكر محمد بن عمر عمّن حدَّثه أنّ الخلافة أتت هشامًا وهو بالزيتونة في منزله في دُويرة له هناك.

قال محمد بن عمر: وقد رأيتها صغيرة، فجاءه البريد بالعصا والخاتم، وسلّم عليه بالخلافة، فركب هشام من الرُّصافة حتى أتى دمشق.

وفي هذه السنة قدِم بكيْر بن ماهان من السّند - وكان بها مع الجنيد بن عبد الرحمن ترجمانًا له - فلما عُزل الجنيد بن عبد الرحمن، قدم الكوفة ومعه أربع لبِنات من فضة ولبِنة من ذهب، فلقي أبا عكْرمة الصادق وميسرة ومحمد بن خنيس وسالمًا الأعين وأبا يحيى مولى بني سلمة، فذكروا له أمر دعوة بني هاشم، فقبِل ذلك ورضيه، وأنفق ما معه عليهم، ودخل إلى محمد بن عليّ، ومات ميسرة فوجه محمد بن عليّ بُكَير بن ماهان إلى العراق مكان ميسرة، فأقامه مقامه (٢).


(١) الكندر: اللبان. القاموس المحيط ص ٦٥٦.
(٢) وانظر البداية والنهاية (٧/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>