للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما هزم مرداس أبو بلال أسلمَ بن زرعة، وبلغ عبيدَ الله بن زياد؛ سرَّح إليه -فيما حُدّثتُ عن هشام بن محمد، عن أبي مخنف، قال: حدّثني أبو المخارق الراسبيّ- ثلاثة آلاف، عليهم عبّاد بن الأخضر التميميّ، فأتبعه عبّاد يطلبه حتى لحقه بتَوَّج، فصفّ له، فحمل عليهم أبو بلال وأصحابه، فثبتوا، وتعطّف النالس عليهم فلم يكونوا شيئًا، وقال أبو بلال لأصحابه: مَنْ كان منكم إنما خرج للدنيا فليذهب، ومن كان منكم إنما أراد الآخرة ولقاءَ ربِّه فقد سبق ذلك إليه، وقرأ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}، فنزل ونزل أصحابه معه لم يفارقه منهم إنسان، فقُتلوا من عند آخرهم، ورجع عبَّاد بن الأخضر، وذلك الجيش الذي كان معه إلى البصرة، وأقبل عبيدة بن هلال معه ثلاثة نفر هو رابعهم، فرصد عبّاد بغ الأخضر، فأقبل يريد قصر الإمارة وهو مردف ابنًا له غلامًا، صغيرًا، فقالوا: يا عبد الله! قف حتى نستفتيك؛ فوقف، فقالوا: نحن إخوةٌ أربعة، قُتل أخونا، فما تَرَى؟ قال: استَعدُوا الأميرَ، قالوا: قد استعدَيناه فلم يُعْدِنا؛ قال: فاقتلوه، قتله الله! فوَثَبوا عليه فحكَّموا، وألقى ابنَه فقتلوه (١). (٥: ٤٧٠ - ٤٧١).

ذكر خبر ولاية سَلْم بن زياد على خراسان وسجستان

وفي هذه السنة وَلَّى يزيد بن معاوية سَلْمَ بن زياد سِجستانَ وخُراسان.

ذكر سبب توليته إياه:

حدّثني عمر، قال: حدّثني عليّ بن محمد، قال: حدّثنا مسلَمة بن مُحارب بن سلم بن زياد، قال: وفد سَلْم بن زياد على يزيدَ بن معاوية وهو ابن أربع وعشرين سنة، فقال له يزيد: يا أبا حرْب! أولّيك عمل أخوَيك: عبد الرحمن وعبّاد؟ فقال: ما أحَبَّ أميرُ المؤمنين. فولّاه خُراسان وسجِستان، فوجَّه سلْم الحارثَ بن معاوية الحارثيّ جدّ عيسى بن شبيب من الشام إلى خُراسان، وقَدِم سلم البصرة، فتجهز وسار إلى خراسان، فأخذ الحارث بن قيس بن الهيثم السُّلمِيّ فحبسه، وضرب ابنه شبيبًا، وأقامه في سراويلَ، ووّجه أخاه يزيد بن زياد إلى سجستان، فكتب عبيد الله بن زياد إلى عبّاد أخيه -وكان له


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>