عبد الله بن مطيع العدويّ: ما يحملك يا نُعمانُ على تفريق جماعتنا، وفسادِ ما أصلَح الله من أمرنا! فقال النعمان: أمَا والله لكاني بك لو قد نزلتْ تلك التي تدعو إليها، وقامت الرَجال على الرُّكَب تَضرِب مفَارقَ القوم وجباهَهم بالسيوف، ودارت رحا الموت بين الفريقين قد هربتَ على بغلتك تضرب جنبيْها إلى مكة، وقد خلّفت هؤلاء المساكين -يعني الأنصار- يُقتلون في سِكَكِهم ومساجدهم، وعلى أبواب دُورهم! فعصاه الناس، فانصرف، وكان والله كما قال (١).
[ثم دخلت سنة ثلاث وستين ذكر الخبر عن الأحداث التي كانت فيها]
فمن ذلك ما كان من إخراج أهل المدينة عامل يزيد بن معاوية عثمانَ بن محمد بن أبي سفيان من المدينة، وإظهارهم خلعَ يزيد بن معاوية وحصارهم من كان بها من بني أمية
ذكر هشام بن محمد عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن حبيب بن كُرّة: أنّ أهل المدينة لمّا بايعوا عبد الله بن حنظلة الغَسيل على خلع يزيد بن معاوية؛ وثبوا على عثمانَ بن محمد بن أبي سُفْيان، ومن بالمدينة من بني أميّة ومواليهم ومَن رأى رأيَهم من قريش، فكانوا نحوًا من ألف رجل، فخرجوا بجماعتهم حتى نزلوا دارَ مروان بن الحكم، فحاصَرَهم الناسُ فيها حصارًا ضعيفًا، قال: فدعت بنو أميّة حبيب بن كرّة، وكان الذي بَعَث إليه منهم مروان بن الحكم وعمرو بن عثمان بن عفان، وكان مروان هو يدبِّر أمرهم. فأما عثمان بن محمد بن أبي سُفْيان فإنما كان غلامًا حدَثًا لم يكن له رأي قال عبد الملك بن نوفل: فحدّثني حبيب بن كرة، قال: كنت مع مروان، فكتب معي هو وجماعة من بني أميّة كتابًا إلى يزيدَ بن معاوية، فأخذ الكتابَ عبدُ الملك بن مروان حتى خرج معي إلى ثنيّة الوَدَاع، فدفع إليّ الكتاب وقال: قد أجّلتك اثنتي عشرة ليلة ذاهبًا واثنتي عشرة ليلة مُقبلًا، فوافِني لأربع وعشرين ليلة في هذا المكان تجدني إن شاءَ الله في هذه الساعة جالسًا أنتظرك. وكان الكتاب: