أيْقَنتُ أنَّ خيولَ شيعةِ راشِدٍ ... لم يبْق منها فَيْشُ أَيْرِ ذُباب (١)
(٦/ ٣٤ - ٣٨)
* * *
ذكر الخبر عن أمر المختار مع قتَلة الحسين بالكوفة
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة وثب المختارُ بمن كان بالكوفة من قَتَلة الحسين والمشايعين على قتله، فقَتل من قَدَر عليه منهم، وهرب من الكوفة بعضهم، فلم يقدر عليه.
* ذكر الخبر عن سبب وثوبه بهم وتسمية من قتل منهم ومَنْ هرب فلم يقدر عليه منهم:
وكان سبب ذلك - فيما ذكره هشام بن محمَّد، عن عوانة بن الحكم - أن مَرْوان بن الحكم لمَّا استوسقت له الشامُ بالطَّاعة، بعث جيشَين أحدهما إلى الحجاز عليه حُبَيش بن دُلجة القينيّ - وقد ذكرنا أمرَه وخبرَ مهلَكه قبلُ - والآخر منهما إلى العراق عليهم عبيد الله بن زياد - وقد ذكرنا ما كان من أمره وأمر التوّابين من الشيعة بعَين الوَردة - وكان مرْوان جعل لعبيد الله بن زياد إذ وجَّهه إلى العراق ما غلب عليه، وأمَرَه أن يَنهَب الكوفة إذا هو ظفر بأهلِها ثلاثًا.
قال عوانة: فمرّ بأرض الجزيرة فاحتبس بها وبها قيسُ عَيْلان على طاعة ابن الزبير، وقد كان مروانُ أصاب قيسًا يوم مَرْج راهط وهم في الضحَّاك بن قيس مخالفين على مرْوان، وعلى ابنه عبد الملك من بعده، فلم يزل عبيد الله مشتغلًا بهم عن العراق نحوًا من سنة، ثمّ إنَّه أقبل إلى الموصل، فكتب عبد الرحمن بن سعيد بن قيس عاملُ المختار على الموصل إلى المختار: أما بعد، فإني أخبرك أيها الأمير أنّ عبيد الله بن زياد قد دخل أرض الموصل، وقد وجَّه قِبَلي خيلَه ورجالَه، وأنى انحزْت إلى تكْريتَ حتَّى يأتيَني رأيُك وأمرُك، والسلام عليك.
فكتب إليه المختار: أمَّا بعد، فقد بلغني كتابُك، وفهمتُ كلَّ ما ذكرتَ فيه، فقد أصبتَ بانحيازك إلى تكريت، فلا تبرحنّ مكانك الّذي أنت به حتَّى يأتيَك