للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكن ببلاد الفرس بناتُ آوى، فتساقطت إليها من بلاد الترك في مُلْك كسرى أنوشِرْوان؛ فبلغ ذلك كسرى؛ فبلغ ذلك منه مشقّة، فدعا بموْبَذان موْبذ، فقال: إنه بلغنا تساقط هذه السباع إلى بلادنا، وقد تعاظم الناسُ ذلك، فتعجّبنا من استعظامهم أمرها لهوانها، فأخْبِرْنا برأيك في ذلك.

فقال له موبذان مَوْبَذ: فإنّي سمعت أيها الملك - عمّرك الله - فقهاءنا يقولون: متى لا يغمر في بلدة العدلُ الجورَ، ويمْحق؛ بُلِيَ أهلها بغزو أعدائهم لهم، وتساقط إليه ما يكرهون، وقد تخوّفت أن يكون تساقط هذه السباع إلى بلادك لما أعلمتك من هذا الخطب. فلم يلبث كسرى أنْ تناهى إليه أنّ فتيانًا من الترك قد غزوا أقصى بلاده، فأمر وزراءه وأصحاب أعماله ألا يتعدَّوْا فيما هم بسبيله العدل، ولا يعملوا في شيء منه إلَّا به، فصرَف الله لما جرى من العدل ذلك العدوّ عن بلاده من غير أن يكون حارَبهم، أو كلف مؤونة في أمرهم.

وكان لكسرى أولاد متأدّبون، فجعل الملْك من بعده لهُرمُز ابنه الذي كانت أمّه ابنة خاتون وخاقان لمعرفة كسرى إياه بالاقتصاد والأخذ بالوثيقة وما رجا بذلك من ضبط هُرمُز الملْك وقدرته على تدبير الملْك ورعيّته ومعاملتهم.

وكان مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عهد كسرى أنوشِروان، عام قَدِم أبرهة الأشرم أبو يكسوم مع الحبشة إلى مكّة، وساق فيه إليها الفيل، يريد هدم بيت الله الحرام؛ وذلك لمضيّ اثنتين وأربعين سنة من ملك كسرى أنوشروان. وفي هذا العام كان يوم جَبلَة، وهو يوم من أيّام العرب مذكور (١). (٢: ١٤٨/ ١٥٤).

[ذكر مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

٨٣٤ - قال: وسأل عثمان بن عفّان قَباث بن أشْيم أخا بني عمرو بن لَيث: أنت أكبر أم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ؛ قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكبرُ مني، وأنا أقْدَمُ منه في الميلاد، ورأيت خَذْق الفيل أخضرَ محيلًا بعْده بعام، ورأيت أُميّة بن عبد شمس شيخًا كبيرًا يقودُه عبْدُه. فقال ابنه: يا قَبَاث، أنت أعلم وما تقول (٢). (٢: ١٥٥).


(١) ضعيف.
(٢) ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>