الله. قال: فبينا النّاس كذلك إذ أقبل رَهَج، فطلعت فُرسان؛ فنادى منادي الجُنيد: الأرضَ، الأرضَ! فترجّل وترجّل الناس، ثم نادى منادي الجُنيد: ليخندق كلّ قائد على حياله؛ فخندق الناس، قال: ونظر الجُنيد إلى عبد الرحمن بن مكية يحمل على العدوّ، فقال: ما هذا الخرطوم السائل؟ قيل له: هذا ابن مكيّة، قال: ألسان البقرة! لله درّه أيّ رجل هو! وتحاجزوا، وأصيب من الأزْد مئة وتسعون.
وكانوا لقوا خاقان يوم الجمعة، فأرسل الجنيد إلى عبد الله بن معمر بن سمير اليشكريّ أن يقف في الناحية التي تلي كسّ ويحبس من مرّ به، ويحوز الأثقال والرّجالة؛ وجاءت الموالي رجّالة، ليس فيهم غير فارس واحد والعدوّ يتبعونهم؛ فثبت عبد الله بن معمَر للعدوّ، فاستُشهد في رجال من بَكْر، وأصبحوا يوم السَّبت، فأقبل خاقان نصفَ النهار؛ فلم ير موضعًا لقتال فيه أيسر من موضع بكر بن وائل، وعليهم زياد بن الحارث، فقصد لهم، فقالت بكر لزياد: القوم قد كَثرونا، فخلّ عنا نحمل عليهم قبل أن يحملوا علينا، فقال لهم: قد مارست سبعين سنة، إنكم إن حملتم عليهم فصعدتم انهزمتم؛ ولكن دعوهم حتى يقربوا، ففعلوا، فلما قربوا منهم حملوا عليهم فأفرجوا لهم، فسجد الجُنيد، وقال خاقان يومئذ: إنّ العرب إذا أحرِجوا استقتلوا؛ فخلّوهم حتى يخرجوا؛ ولا تَعرّضوا لهم؛ فإنكم لا تقومون لهم.
وخرج جوارٍ للجنيد يولولْنَ؛ فانتدب رجال من أهل الشأم، فقالوا: الله الله يا أهل خراسان! إلى أين؟ وقال الجنيد؟ ليلة كليلة الجرّاح، ويوم كيومه.
ذكر الخبر عن مقتل سورة بن الحرّ
وفي هذه السنة قتل سَوْرة بن الحرّ التميميّ.
ذكر الخبر عن مقتله:
ذكر عليّ عن شيوخه: أن عبيد الله بن حبيب قال للجنيد: اختر بين أن تهلك أنت أو سورة، فقال: هلاك سورة أهون عليّ، قال: فاكتب إليه فليأتِك في أهل سَمرقَند؛ فإن الترك إن بلغهم أن سورة قد توجّه إليك انصرفوا إليه فقاتلوه. فكتب إلى سورة يأمره بالقدوم - وقيل: كتب أغثني - فقال عبادة بن السليل المحاربيّ