للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضع، وقُتل عبيد الله بن زهير وابن حوذان وابن جِرْفاس والفُضيل بن هَنّاد.

وجالت الميمنة والجُنيد واقف في القلب، فأقبل إلى الميمنة، فوقف تحت راية الأزْد - وقد كان جفاهم - فقال له صاحب راية الأزد: ما جئتنا لتحبوَنا ولا لتكرمنا؛ ولكنّك قد علمت أنه لا يوصَل إليك ومنّا رجل حيّ؛ فإن ظفرنا كان لك؛ وإن هلكنا لم تبْك علينا. ولعمري لئن ظفرنا وبقيتُ لا أكلّمك كلمة أبدًا. وتقدّم فقتل. وأخذ الرّاية ابن مُجّاعة فقُتل، فتداول الرّاية ثمانية عشر رجلًا منهم فقتلوا، ففتل يومئذ ثمانون رجلًا من الأزْد.

قال: وصبَر الناس يقاتلون حتى أعيَوْا؛ فكانت السيوف لا تحيك ولا تقطع شيئًا، فقطع عبيدُهم الخشب يقاتلون به، حتَّى ملّ الفريقان فكانت المعانقة، فتحاجزوا، فقتل من الأزد حمزة بن مُجّاعة العتكيّ ومحمد بن عبد الله بن حَوْذان الجهضميّ، وعبد الله بن بسطام المعنّي وأخوه زُنيم والحسن ابن شيخ والفُضيل الحارثيّ - وهو صاحب الخيل - ويزيد بن المفضّل الحُدّانيّ؛ وكان حجَّ فأنفق في حجه ثمانين ومئة ألف؛ فقال لأمه وحشيَّة: ادعي الله أن يرزقني الشهادة، فدعت له، وغُشي عليه؛ فاستُشهد بعد مَقْدَمه من الحج بثلاثة عشر يومًا، وقاتل معه عبدان له؛ وقد كان أمرهما بالانصراف فقاتلا؛ فاستُشهدا.

قال: وكان يزيد بن المفضّل حمل يوم الشّعب على مئة بعير سويقًا للمسلمين؛ فجعل يسأل عن الناس، ولا يسأل عن أحد إلا قيل له: قد قتل؛ فاستقدم وهو يقول: لا إله إلا الله؛ فقاتل حتى قُتِل.

وقاتل يومئذ محمد بن عبد الله بن حَوْذان وهو على فرس أشْقر، عليه تجفاف مذهّب، فحمَل سبع مرات يقتل في كلّ حملة رجلًا، ثم رجع إلى موقفه، فهابه من كان في ناحيته، فناداه تَرجمان للعدوّ: يقول لك الملك: لا تقبل وتحوّل إلينا؛ فنرفض صنَمنا الذي نعبده ونعبدك؛ فقال محمد: أنا أقاتلكم لتتركوا عبادة الأصنام وتعبدوا الله وحده. فقاتل واستُشهد.

وقتل جُشَم بن قرط الهلاليّ من بني الحارث، وقُتِل النَّضْر بن راشد العبديّ؛ وكان دخل على امرأته والناس يقتتلون، فقال لها: كيف أنت إذا أتيت بأبي ضمرة في لبد مضرَّجًا بالدماء؟ فشقّت جيبها ودعت بالويل؛ فقال: حسبك، لو أعولتْ عليّ كلّ أنثى لعصيتُها شوقًا إلى الحُور العين؛ ورجع فقاتل حتى استُشهد رحمه

<<  <  ج: ص:  >  >>