للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحوّل منصور بن المهديّ وخزيمة بن خازم والفضل بن الربيع - وكانوا يوم تحؤلوا بايعوا سهلَ بن سلامة على ما يدعُو إليه من العمل بالكتاب والسنة - فنزلوا بالحربية فرارًا من الطلب، وجاء سهل بن سلامة إلى الحسن، وبعث إلى المطلب أن يأتيَه، وقال: ليس على هذا بايعتَنِي، فأبى المطلب أن يجيئَه، فقاتله سهل يومين أو ثلاثة قتالًا شديدًا؛ حتى اصطلح عيسى والمطلب، فدسّ عيسى إلى سهلٍ مَن اغتاله فضربه ضربة بالسيف؛ إلا أنها لم تعمل فيه؛ فلما اغتيل سهل رجع إلى منزله، وقام عيسى بأمر الناس، فكفُّوا عن القتال.

وقد كان حميد بن عبد الحميد مقيمًا بالنيل، فلما بلغه هذا الخبر دخل الكوفة، فأقام بها أيامًا. ثم إنه خرج منها حتى أتى قصر ابن هبيرة، فأقام به، واتخذ منزلًا وعمل عليه سورًا وخندقًا؛ وذلك في آخر ذي القعدة، وأقام عيسى ببغداد يعرض الجند ويصحّحهم، إلى أن تدرك الغلّة، وبعث إلى سهل بن سلامة فاعتذر إليه مما كان صنع به، وبايعه وأمره أن يعود إلى ما كان عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ وأنه عونه على ذلك، فقام سهل بما كان قام به أولا من الدعاء إلى العمل بالكتاب والسنّة.

* * *

ذكر خبر البيعة لعليّ بن موسى بولاية العهد

وفي هذه السنة جعل المأمون عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وليّ عهد المسلمين والخليفة من بعده، وسماه الرّضِيّ من آل محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأمر جنده بطرح السَّواد ولبس ثياب الخُضرة، وكتب بذلك إلى الآفاق (١).


(١) أيّد خليفة هذا الخبر فقال: سنة إحدى ومائتين فيها بايع المأمون لعلي بن موسى بن جعفر بالخلافة من بعده وخلع القاسم بن هارون أمير المؤمنين وأمر بالسواد فألقي ولُبِسَت الخضرة (تأريخ خليفة/ ٣١٢).
وقال ابن قتيبة الدينوري: وبعث المأمون إلى علي بن موسى الذي يُدعى بالرضى فحمله إلى خراسان فبايع له بولاية العهد وأمر الناس بلباس الخضرة (المعارف/ ١٩٧).
وكذلك أشار البسوي إلى هذه البيعة ضمن أحداث سنة (٢٠١ هـ) (المعرفة والتأريخ/ ١/ ٦٠). =

<<  <  ج: ص:  >  >>