للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إلا أنه ندم بعد مقتل سيدنا عثمان لأنه لم يشارك في تكذيب الخارجين عليه وحثهم عن الرجوع عن المدينة. كما روى البلاذري في أنساب الأشراف (١/ ٥٩٥) عن طريق نافع بن عمر رضي الله عنهما قال: ما زال ابن عباس ينهى عن قتل عثمان ويعظم شأنه حتى جعلت ألوم نفسي على أن لا أكون قلت مثل ما قال: أي: أنه رضي الله عنه كان يتمنى أنه قد نهى الناس عن التحريض على الفتنة وتخويفهم من إثم ذلك وندم على تركه ذلك الفعل، وهكذا طلحة ندم على إصغائه بعض الوقت للإشاعات وعلى عدم مقارعته لمثيري الفتنة بالحجة والبرهان، وإن كانت مشاركته رضي الله عنه لم يكن بدليل قطعي، وإنما كان اجتهادًا منه، ثم تبين له بعد ذلك: أنه اجتهاد خاطئ كما قال الذهبي في تفسير قوله: (إنا كنا داهنا في أمر عثمان) إن المداهنة هنا (تمغفل وتأليب فعله باجتهاد) سير أعلام النبلاء (١/ ٣٥).

أسباب الفتنة أيام أمير المؤمنين عثمان ودور السبئية فيه أتباع عبد الله بن سبأ
أما عن أسباب الفتنة فقد راجعنا ما كتب الباحثون والمهتمون بالتاريخ الإسلامي قديمًا وحديثًا ومقارنته بما صح رواية في موضوع الفتنة خلصنا إلى هذه الأسباب:
١ - عند انتهاء النصف الأول من خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه كانت الفتوحات الإسلامية بلغت أوسع مدى لها مقارنة بالسنين الماضية من الفتوحات، ولقد استشهد في هذه المعارك كثير من الصحابة الأجلاء بالإضافة إلى ما استشهد منهم في معارك الردة في عهد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، مما اضطر سيدنا عثمان للسماح للعرب المسلمين (الذين ارتدوا في الماضي ثم رجعوا بعد ذلك) بالمشاركة في الفتوحات، فكانت الفتوحات بابا واسعًا دخل منه كثير من أعراب الجزيرة واليمن، ولم يكن هؤلاء بالدرجة المناسبة من التربية الإيمانية والتعليم الشرعي بحيث يكونوا مؤهلين لفهم إنجازات سيدنا عثمان لجمع الناس على مصحف وما إلى ذلك، بالإضافة إلى حسد بعضهم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين فتح الله عليهم بالغنائم فانتعشت أحوالهم المعاشية، فتصوروا ذلك ثراء غير مشروع ونسوا أو تناسوا: أن هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم سبقوا إلى الإسلام، وضحوا بالغالي والنفيس، وعانوا الأمرّين، واستشهد منهم المئات بينما تأخر هؤلاء الأعراب والقبائل في إسلامهم، ثم ما لبثوا أن نقضوا بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وارتدوا وحاربوا هؤلاء الصحابة مرة أخرى وقتلوا منهم من قتلوا، ولكنه الحسد يعمي الأبصار والبصائر فلا يرى إلا نعمة الغير، وبعض هؤلاء والله أعلم كانوا طرفًا من أطراف الفتنة.
٢ - إن فتح المسلمين لبلاد مختلفة أي بالنتيجة إلى دخول أقوام شتى مختلفة المشارب والمذاهب في دين الإسلام منهم نصارى العرب في العراق والشام ومنهم الفرس ومنهم الأقباط وما إلى ذلك، وكان من هؤلاء نفر يحملون في أنفسهم حقدًا على الإسلام من أمثال الذي قتل سيدنا عمر وغيرهم كثير هنا وهناك كانوا يتحينون الفرص للنيل من عزة الإسلام =

<<  <  ج: ص:  >  >>