عليك ثوبانِ وأُمِّي عاريَهْ ... فأَلقِ لي ثوبَك يا بنَ الزانيهْ
فلما فعل بنو عُقَيْل ما فعلوا غلتْ بمكة الأسعار، وأغارت الأعراب على القرى.
* * *
[ذكر خبر خروج إسماعيل بن يوسف بمكّة](١)
وفيها ظهر إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب بمكة، فهرب جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى العامل على مكة، فانتهب إسماعيل بن يوسف منزلَ جعفر ومنزلَ أصحاب السلطان، وقتل الجند وجماعة من أهل مكة، وأخذ ما كان حمل لإصلاح العيْن من المال وما كان في الكعبة من الذّهب، وما في خزائنها من الذَّهب والفِضّة، والطّيب وكُسوة الكعبة، وأخذ من الناس نحوًا من مئتي ألف دينار، وأنهب مكة، وأحرق بعضها في شهر ربيع الأول منها، ثم خرج منها بعد خمسين يومًا، ثم صار إلى المدينة، فتوارَى عليّ بن الحسين بن إسماعيل العامل عليها، ثم رجع إسماعيل إلى مكة في رجَب، فحصرهم حتى تماوَت أهلُها جوعًا وعطشًا؛ وبلغ الخبز ثلاث أواق بدرهم، واللحم رطل بأربعة دراهم، وشربة ماء ثلاثة دراهم؛ ولقيَ أهلُ مكة منه كلَّ بلاء، ثم رحل بعد مقام سبعةٍ وخمسين يومًا إلى جُدّة، فحبس عن الناس الطعام، وأخذ أموال التجار وأصحاب المراكب، فحمل إلى مكة الحنطة والذّرة من اليمن، ثم وافت المراكب من القُلْزُم، ثم وافى إسماعيل بن يوسف الموقف؛ وذلك يوم عرفة، وبه محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور الملقب كعب البقر - وعيسى بن محمد المخزوميّ صاحب جيش مكة - وكان المعتزّ وجّههما إليها - فقاتلهم، فقتل نحو من ألف ومئة من الحاجّ، وسلب الناس، وهربوا إلى مكة، ولم يقفوا بعرَفة ليلًا ولا نهارًا، ووقف إسماعيل وأصحابه، ثم رجع إلى جُدّة فأفنى أموالها.