أما بعد فإن هذا زمان الغدر والعيش الكدر نشأت فيه ناشئة ابتغوا الرزق من كل ناحية ووضعوا له الأبواب وارتقوا إليه بالأسباب والله ما حدثت نفسي بهذا في سرّ ولا علانية بل جعل الله يومي قبل يومك وولدي قبل ولدك فلا خير في العيش بعدك" [تأريخ دمشق / مجلد ٦٥ / ص ٣٠٦]. وهذا يعني أن بطانة سيئة حاولت أن توقع بينه وبين أخيه وتزيّن له ما لا يُحمد عقباه مما ذكر هشام وهذا يذكّرنا بأصل من أصول التفسير الإسلامي للتأريخ والذي ورد في السنة النبوية حول البطانة الصالحة والبطانة السيئة والله أعلم. ومع كل ذلك فلا زالت الأمة يومها بخير، ولقد كان كثير من الولاة والقضاة والقادة والعلماء على درجة عالية من اليقظة والورع والتقوى، وقد أخرج البلاذري من طريق الأخباري الصدوق المدائني عن المفضل بن فضالة قال: بعث ابن هبيرة إلى الحسن والشعبي فاجتمعا عنده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك عبد من عباد الله أخذ عهده لهم وأعطوه عهودهم أن يسمعوا له ويطيعوا، وإنه يأتيني منه أمور لا أجد من إنفاذها بدًّا، والحسن ساكت فقال له: ما تقول يا أبا سعيد؟ قال: إن الله مانعك من يزيد، وإن يزيدًا غير مانعك من الله، وإنه يوشك أن ينزل بك أمر من السماء فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك فلا يوسعه إلا عملك. يابن هبيرة إني أنهاك عن الله أن تتعرض له، فإن الله إنما جعل السلطان ناصرًا لدين الله وعباده فلا تركبوا عباد الله بسلطان الله فتذلوهم وإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. [كتاب جمل من أنساب الأشراف / ٨/ ٣٤٦٢]. (١) وكذلك أرخ خليفة لتولية هشام بن عبد الملك منصب الخلافة [تاريخ خليفة / ٢١٣] وقال =