للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلافة هشام بن عبد الملك]

وفي هذه السنة استخلف هشام بن عبد الملك لليالٍ بقين من شعبان منها وهو يوم استخلف ابن أربع وثلاثين سنة وأشهر.

حدثني عمر بن شبة قال: حدثني علي قال: حدثنا أبو محمد القرشي وأبو محمد الزيادي والمنهال بن عبد الملك وسحيم بن حفص العجفي قالوا: ولد هشام بن عبد الملك عام قُتل مصعب بن الزبير سنة اثنتين وسبعين (١).


= أبي سلمة قال: كان يزيد بن عبد الملك يجري على رجاء بن حيوة ثلاثين دينارًا في كل شهر .... إلخ. [المعرفة والتأريخ ٢/ ٣٧٠] وقد أخرج ابن عساكر من طريقين عن محمد بن سلام وإبراهيم بن يعقوب (واللفظ لإبراهيم) قال كتب يزيد بن عبد الملك إلى هشام أخيه: أما بعد فإنه بلغ أمير المؤمنين أنك استبطأت حياته وتمنّيت وفاته، ونحلت قولًا للخلافة وذلك فيك فاعلمن أنه ليس ذلك الذين عهد إلينا عبد الملك وأمرنا به ووصّانا، أمرنا بالتواصل والتزاور والاجتماع إن الفرقة شين. قال فكتب إليه جوابًا لكتابه:
أما بعد فإن هذا زمان الغدر والعيش الكدر نشأت فيه ناشئة ابتغوا الرزق من كل ناحية ووضعوا له الأبواب وارتقوا إليه بالأسباب والله ما حدثت نفسي بهذا في سرّ ولا علانية بل جعل الله يومي قبل يومك وولدي قبل ولدك فلا خير في العيش بعدك" [تأريخ دمشق / مجلد ٦٥ / ص ٣٠٦]. وهذا يعني أن بطانة سيئة حاولت أن توقع بينه وبين أخيه وتزيّن له ما لا يُحمد عقباه مما ذكر هشام وهذا يذكّرنا بأصل من أصول التفسير الإسلامي للتأريخ والذي ورد في السنة النبوية حول البطانة الصالحة والبطانة السيئة والله أعلم.
ومع كل ذلك فلا زالت الأمة يومها بخير، ولقد كان كثير من الولاة والقضاة والقادة والعلماء على درجة عالية من اليقظة والورع والتقوى، وقد أخرج البلاذري من طريق الأخباري الصدوق المدائني عن المفضل بن فضالة قال: بعث ابن هبيرة إلى الحسن والشعبي فاجتمعا عنده فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن أمير المؤمنين يزيد بن عبد الملك عبد من عباد الله أخذ عهده لهم وأعطوه عهودهم أن يسمعوا له ويطيعوا، وإنه يأتيني منه أمور لا أجد من إنفاذها بدًّا، والحسن ساكت فقال له: ما تقول يا أبا سعيد؟ قال: إن الله مانعك من يزيد، وإن يزيدًا غير مانعك من الله، وإنه يوشك أن ينزل بك أمر من السماء فيخرجك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك فلا يوسعه إلا عملك. يابن هبيرة إني أنهاك عن الله أن تتعرض له، فإن الله إنما جعل السلطان ناصرًا لدين الله وعباده فلا تركبوا عباد الله بسلطان الله فتذلوهم وإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. [كتاب جمل من أنساب الأشراف / ٨/ ٣٤٦٢].
(١) وكذلك أرخ خليفة لتولية هشام بن عبد الملك منصب الخلافة [تاريخ خليفة / ٢١٣] وقال =

<<  <  ج: ص:  >  >>