للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ دخلت سنة سبع وثمانين ومئتين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فمن ذلك ما كان من قبض المعتضد على محمَّد بن أحمد بن عيسى بن شيخ وعلى جماعة من أهله وتقييده إياهم، وحبسه لهم في دار ابن طاهر؛ وذلك أنَّه صار بعض أقربائه - فيما ذُكر - إلى عبيد الله بن سليمان، فأعلمه أنّ محمدًا أجمع على الهرب في جماعة من أصحابه وأهله. فكتب بذلك عُبيد الله إلى المعتضد، فكتب إليه المعتضد يأمره بالقبض عليه، ففعل ذلك يوم الأربعاء لأربع خلوْن من المحرم منها.

وفي هذا الشهر من هذه السنة ورد كتاب أبي الأغرّ على السلطان أنّ طيئًّا تجمّعت له، وحشدوا واستعانوا بمَنْ قدروا عليه من الأعراب، واعترضوا قافلة الحاج، فواقعوهم لمّا جاوزوا المعدن منصرفين إلى مدينة السلام من مكة ببضعة عشر ميلًا، وأقبل إليهم فرسان الأعراب ورجّالتهم ومعهم بيوتهم وحرمهم وإبلهم؛ وكانت رَجّالتهم أكثرَ من ثلاثة آلاف، فالتحمت الحرب بينهم، ولم تزَل الحرب بينهم يومهم أجمع، وهو يوم الخميس لثلاث بقين من ذي الحجّة، فلما جنّهم الليل باينوهم؛ فلمّا أصبحوا غادوْهم الحرب غداةَ يوم الجمعة إلى انتصاف النهار. ثمَّ أنزل الله النصر على أوليائه وولّى الأعراب منهزمين، فما اجتمعوا بعد تفرّقهم، وأنه سار هو وجميع الحاجّ سالمين، وأنفذ كتابه مع سعيد بن الأصفر بن عبد الأعلى، وهو أحد وجوه بني عمه والمتولّي للقبض على صالح بن مدرك.

وفي يوم السبت لثلاث بقين من المحرم وافى الأغرّ مدينة السلام، وبين يديه رأس صالح بن مدرك، ورأس جحنْشَ، ورأس غلام لصالح أسود، وأربعة أسارى من بني عمّ صالح، فمضى إلى دار المعتضدِ، فخلِع عليه، وطُوّق بطوْق من ذهب، ونُصِبت الرؤوس على رأس الجسر الأعلى بالجانب الشرقيّ، وأدخِل الأسرى المطامير.

ولأربع ليال بقين من صفر منها، دخل المعتضد من متنزّهه ببرَاز الرّوز إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>