[ثم دخلت سنة إحدى وستين ومائة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]
وفيها ظفر نصر بن محمَّد بن الأشعث الخزاعيّ بعبد الله بن مروان بالشام؛ فقدم به على المهدي قبل أن يولِّيَه السِّند، فحبسه المهديّ في المطْبَق؛ فذكر أبو الخطَّاب أن المهديّ أُتِي بعبد الله بن مروان بن محمَّد - وكان يكنى أبا الحكم - فجلس المهديّ مجلسًا عامًّا في الرّصافة، فقال: مَنْ يعرف هذا؟ فقام عبد العزيز بن مسلم العُقَيليّ، فصار معه قائمًا، ثم قال له: أبو الحكم؟ قال: نعم ابنُ أمير المؤمنين، قال: كيف كنت بعدي؟ ثم التفت إلى المهديّ، فقال: نعم يا أمير المؤمنين، هذا عبد الله بن مروان. فعجب النَّاس من جُرأته، ولم يعرض له المهديّ بشيء.
قال: ولما حبس المهديّ عبد الله بن مروان احتِيل عليه، فجاء عمرو بن سهلة الأشعريّ فادّعى أن عبد الله بن مروان قتل أباه، فقدّمه إلى عافية القاضي، فتوجّه عليه الحُكْم أن يقادَ به، وأقام عليه البيّنة؛ فلما كاد الحُكْم يبرَم جاء عبد العزيز بن مسلم العقيليّ إلى عافية القاضي يتخطّى رقاب النَّاس؛ حتَّى صار إليه، فقال: يزعم عمرو بن سهلة أن عبد الله بن مروان قتل أباه؛ كذب والله ما قتل أباه غيري؛ أنا قتلتُه بأمرِ مروان، وعبدُ الله بن مروان من دمه بريء. فزالت عن عبد الله بن مروان، ولم يعرض المهديّ لعبد العزيز بن مسلم لأنَّه قتله بأمر مروان.
وفيها أمر المهديّ يعقوب بن داود بتوجيه الأمناء في جميع الآفاق، فعمل به، فكان لا ينفذ للمهديّ كتاب إلى عامل فيجوز حتَّى يكتب يعقوب بن داود إلى أمينه وثقته بإنفاذ ذلك (١).
وفيها اتّضعت منزلة أبي عبيد الله وزير المهديّ، وضمّ يعقوب إليه من متفقهة البصرة وأهل الكوفة وأهل الشَّام عددًا كثيرًا، وجعل رئيس البصريين والقائم بأمرهم إسماعيل بن عُلَيَّة الأسديّ ومحمد بن ميمون العنبريّ، وجعل رئيس أهل