للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بولايتك، عَلَام تَحبس هذا الشيخَ! أنا أتحمل ما عليه، فصالحني على ما إياه تسأل، فقال عمر: لا، إلَّا أن تحمل جميعَ ما نسألُه إيّاه، فقال: يا أمير المؤمنينْ، إن كانت لك بيّنة فخذْ بها، وإن لم تكن بيّنة فصدّق مقالَة يزيد، وإلا فاستحْلِفه، فإن لم يفعل فصالحه، فقال له عمر: ما أجِد إلَّا أخذَه بجميع المال، فلما خرج مخلَد قال: هذا خيرٌ عندي من أبيه، فلم يَلبَث مخلد إلَّا قليلا حتى مات، فلما أبى يزيد أن يؤدّيَ إلى عمرَ شيئًا ألبسه جُبّةً من صوف، وحمَله على جمَل، ثمَّ قال: سيروا به إلى دَهْلَك، فلما أخرج فمُرَّ به على الناس أخذ يقول: مالي عشيرة، مالي يُذهب بي إلى دَهْلَك! إنما يُذهَب إلى دَهْلَك بالفاسق المُريب الخارب، سبحان الله! أما لي عشيرة! فدخل على عمر سلامة بن نعيم الخوْلانى، فقال: يا أمير المؤمنين، ارْدُدْ يزيد إلى محبسه؛ فإني أخاف إن أمضيتَه أن ينتزعه قومه؛ فإني قد رأيتُ قومَه غَضِبوا له، فردّه إلى محبسه، فلم يزل في محبسه ذلك حتى بلغه مرض عمر (١). (٦/ ٥٥٦ - ٥٥٨).

وأما غير أبي مخنف فإنه قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عديِّ بن أرطاة يأمره بتوجيه يزيد بن المهلب، ودفعه إلى مَنْ بعين التمر من الجند، فوجّهه عديّ بن أرطاة مع وكيع بن حسان بن أبي سُود التميميّ مغلولًا مقيّدًا في سفينة، فلما انتهى به إلى نهر أبان، عرض لوكيع ناس من الأزد لينتزعوه منه، فوثب وكيع فانتضى سيفه، وقطع قَلْس السفينة، وأخذ سيف يزيد بن المهلب، وحلف بطَلاق امرأته ليضربنّ عنقه إن لم يتفرقوا، فناداهم يزيد بن المهلب، فأعلمهم يمين وكيع، فتفرّقوا، ومضى به حتى سلّمه إلى الجند الذين بعيْن التّمر، ورجع وكيع إلى عديّ بن أرطاة، ومضى الجند الذين بعين التّمْر بيزيد بن المهلب إلى عمر بن عبد العزيز، فحبسه في السجن. (٦/ ٥٥٨).

[عزل الجراح بن عبد الله عن خراسان]

قال أبو جعفر: وفي هذه السنة عزل عمر بن عبد العزيز الجرّاح بن عبد الله عن خراسان، وولاها عبد الرحمن بن نعيم القشيريّ، فكانت ولاية الجرّاح


(١) في إسنادها لوط ين يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>