طَلِبتهم، وآمن رَوْعهم، وكفاهم ولاية من كرهوا ولايتَه، وأمر بإنصافهم في حقوقهم وظلاماتهم - وإن خالفوا ما ظنّ أمير المؤمنين، فحاكمهم إلى الله إذ طَغَوْا وبغَوْا، وكرهوا العافية وردّوها، فإنّ أمير المؤمنين قد قضى ما عليه، فغيّر ونكّل، وعزَل واستبدَل، وعفا عمّن أحدث، وصفح عمن اجترم؛ وهو يشهد الله عليهم بعد ذلك في خلاف إن آثروه، وعنودٍ إن أظهروه. وكفى بالله شهيدًا ولا حَوْل ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم، عليه يتوكل وإليه ينيب. والسلام.
وكتب إسماعيل بن صبيح بين يدي أمير المؤمنين.
* * *
ولم يكن للمسلمين بعد هذه السنة صائفة إلى سنة خمس عشرة ومائتين.
[ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ومائة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]
ففيها كان الفداء بين المسلمين والرّوم على يديْ ثابت بن نصر بن مالك (١).
وذُكر عن ذي الرياستيْن أنه قال: قلتُ للمأمون لما أراد الرشيد الشخوص إلى خُراسان لحرب رافع: لستَ تدرِي ما يحدث بالرّشيد وهو خارج إلى خُراسان، وهي ولايتك، ومحمّد المقدم عليك! وإنّ أحسَن ما يصنع بك أن يخلعك؛ وهو ابن زُبيدة، وأخواله بنو هاشم، وزبيدة وأموالها، فاطلبْ إليه أن يشُخصك معه. فسأله الإذن فأبى عليه، فقلت له: قل له: أنت عليل؛ وإنما أردتُ أن أخدمك، ولست أكلفك شيئًا. فأذن له وسار.
فذكر محمد بن الصبّاح الطبريّ أن أباه شيّع الرشيد حين خرج إلى خُراسان، فمضى معه إلى النَّهروان، فجعل يحادثه في الطريق إلى أن قال له: يا صبّاح، لا أحسبك تراني أبدًا. قال: فقلت: بل يردّك الله سالمًا؛ قد فتح الله عليك وأراك في عدوِّك أملك. قال: يا صبّاح، ولا أحسبك تدري ما أجد! قلت: لا والله، قال: فتعال حتّى أريك، قال: فانحرف عن الطريق قَدْر مائة ذراع، فاستظلّ