للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر الخبر عن ذلك وعما كان سبب ذلك وما آل الأمر فيه إليه:

ذُكر أن عيسى بن محمد بن أبي خالد، بينما هو فيما هو من عَرْض أصحابه بعد منصرَفه من عسكره إلى بغداد، إذ ورد عليه كتاب من الحسن بن سهل يُعلمه أنّ أمير المؤمنين المأمون قد جعل عليّ بن موسى بن جعفر بن محمد وليّ عهده من بعده، وذلك أنه نظر في بني العباس وبني عليّ، فلم يجد أحدًا هو أفضل ولا أورعَ ولا أعلم منه، وأنه سمَّاه الرضِيّ من آل محمد، وأمره بطرح لُبْس الثياب السود ولبس ثياب الخضرة؛ وذلك يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، ويأمره أن يأمر مَنْ قبله من أصحابه والجند والقوّاد وبني هاشم بالبيعة له، وأن يأخذهم بلبس الخُضْرة في أقبيتهم وقلانسهم وأعلامهم، ويأخذ أهل بغداد جميعًا بذلك.

فلما أتى عيسى الخبر دعا أهلَ بغداد إلى ذلك على أن يعجِّل لهم رزق شهر، والباقي إذا أدركت الغلّة، فقال بعضهم: نبايع ونلبس الخضرة، وقال بعضهم: لا نبايع ولا نلبس الخضرة، ولا نُخرِج هذا الأمر من ولد العباس؛ وإنما هذا دسيس من الفضل بن سهل، فمكثوا بذلك أيامًا. وغضب ولد العباس من ذلك، واجتمع بعضهم إلى بعض، وتكلموا فيه، وقالوا: نولِّي بعضَنا، ونخلع المأمون، وكان المتكلم في هذا والمختلف والمتقلّد له إبراهيم ومنصور ابنا المهديّ.

* * *

ذكر الدعوة لمبايعة إبراهيم بن المهديّ وخلع المأمون

وفي هذه السنة بايع أهلُ بغداد إبراهيم بن المهديّ بالخلافة وخلعوا المأمون ذكر السبب في ذلك:

قد ذكرنا سببَ إنكار العباسيين ببغداد على المأمون ما أنكروا عليه، واجتماع


= ولقد ذكر الحافظ ابن كثير وهو إمام مؤرخ متأخر أن المأمون رأى أن عليًّا الرّضى خير أهل البيت وليس في بني العباس مثله في علمه ودينه فجعله ولي عهده من بعده (انظر البداية والنهاية/ ٨/ ١٤٩).
وانظر تعليقنا (٨/ ٥٥٥/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>