للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهد الحرب وجرّبها، وخرج معه قيس بن طَهْفة النَّهديّ على ربع أهل المدينة، وأمَّر عبد الله بن حيَّة الأسديّ على ربع مَذْحِج وأسَد، وبعث الأسوَد بن جراد الكِنْديّ على رُبْع كندة وربيعة.

وبعث حبيب بن منقذ الثوريّ من هَمْدانَ على ربع تميم وهَمْدان، وخرج معه المختار يشيعه حتى إذا بلغ ديرَ عبد الرحمن بن أمّ الحَكَم، إذا أصحاب المختار قد استقبلوه، قد حملوا الكرسيّ على بغل أشهب كانوا يَحمِلونه عليه، فوقفوا به على القنطرة، وصاحب أمر الكرسيّ حَوْشب البرسميّ، وهو يقول: يا ربّ عمِّرنا في طاعتك، وانصرنا على الأعداء، واذكرنا ولا تَنْسَنا واسترنا، قال: وأصحابه يقولون: آمين آمين؛ قال فُضَيل: فأنا سمعتُ ابن نَوف الهَمْدانيّ يقول: قال المختار:

أمَا وَرَبِّ المُرْسَلَاتِ عُرْفَا ... لنقتُلَنَّ بعدَ صفٍّ صَفَّا

وبعد أَلفٍ قاسِطِين أَلفَا

قال: فلمَّا انتهى إليهم المختار وابنُ الأشتر ازدَحموا ازدحامًا شديدًا على القنطرة، ومضى المختار مع إبراهيمَ إلى قناطر رأس الجالوت - وهي إلى جنب دَيْر عبد الرحمن - فإذا أصحاب الكرسيّ قد وقفوا على قناطر رأسِ الجالوت يَستنصِرون، فلمَّا صار المختار بين قنطرة دَيْرِ عبد الرحمن وقناطر رأس الجالوت وقف، وذلك حين أراد أن ينصرف، فقال لابن الأشتر: خذ عنّي ثلاثًا: خَفِ الله في سرّ أمرِك وعلانيته، وعجّل السير، وإذا لقيتَ عدوّك فناجزهم ساعة تلقاهُم، وإن لقيتَهم ليلًا فاستطعت ألّا تُصبح حتّى تناجِزَهم، وإن لقيتَهم نهارًا فلا تنتظر بهم الليل حتَّى تحاكمهم إلى الله، ثم قال: هل حفِظتَ ما أوصيتك بهِ؟ قال: نعم، قال: صحبك الله؛ ثم انصرف، وكان موضع عسكر إبراهيم بموضع حمَّام أعيَنَ، ومنه شخص بعسكره (١). (٦/ ٨١ - ٨٢).

ذكر أمر الكرسيّ الذي كان المختار يستنصر به!

قال أبو مخنف: فحدّثني فُضيل بن خَدِيج قال: لمَّا انصرف المختار مضى


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>