ذكر الخبر عن عمرو بن أميَّة الضَّمريّ إذ وجهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقتل أبي سفيان بن حرب
١٩٨ - ولمَّا قُتِل من وجَّهَه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى عَضَل والقارَة من أهل الرَّجيع، وبلغ خبرُهم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عمرو بن أميّة الضَّمْريّ إلى مكَّة مع رجل من الأنصار، وأمرهما بقتل أبي سفيان بن حرب؛ فحدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة بن الفضل، قال: حدَّثني محمد بن إسحاق عن جعفر بن الفضل بن الحسن بن عمرو بن أميّة الضَّمْريّ، عن أبيه، عن جدِّه -يعني: عمرو بن أميّة- قال: قال عمرو بن أميَّة: بعثني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قتل خُبيب وأصحابه، وبعث معي رجلًا من الأنصار، فقال: ائتيا أبا سفيان بن حرب فاقتلاه، قال: فخرجتُ أنا وصاحبي ومعي بعير لي، وليس مع صاحبي بعير، وبرجله علَّة. فكنت أحمله على بعيري؛ حتى جئنا بطن يأجَج؛ فعقلْنا بعيرنا في فناء شِعْب، فأسندنا فيها، فقلت لصاحبي: انطلق بنا إلى دار أبي سفيان؛ فإني محاول قتلَه. فانظر؛ فإن كانت مجاولة أو خشيت شيئًا فالحقْ ببعيرك فاركبه، والحقْ بالمدينة فائْتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر، وخلّ عنِّي؛ فإني رجل عالم بالبلد، جريء عليه، نجيب الساق. فلمَّا دخلنا مكَّة ومعي مثل خافية النَّسر -يعني: خنجره- قد أعددته؛ إن عانقني إنسان قتلته به، فقال لي صاحبي: هل لك أن نبدَأ فنطوفَ بالبيت أسبوعًا، ونصلّي ركعتين؟ فقلت: أنا أعلم بأهلِ مكَّة منك؛ إنهم إذا أظلموا رشُّوا أفنيتَهم، ثم جلسوا بها، وأنا أعرَف بها من الفرَس الأبلق.
قال: فلم يزلْ بي حتَّى أتينا البيت، فطفنا به أسبوعًا، وصلَّينا ركعتين، ثم خرجنا فمررنا بمجلس من مجالسهم، فعرفني رجل منهم، فصرخ بأعلَى صوته: هذا عمرو بن أميَّة! قال: فتبادرتْنَا أهلُ مكَّة، وقالوا: تالله ما جاء بعمرو خير! والَّذي يُحلَف به ما جاءها قطّ إلَّا لشرٍّ -وكان عمرو رجلًا فاتكًا متشيطنًا في الجاهلية- قال: فقاموا في طلبي وطلب صاحبي، فقلت له: النَّجاء! هذا والله الَّذي كنت أحذر؛ أمَّا الرجل فليس إليه سبيل، فانجُ بنفسك، فخرجنا نشتدّ حتى أصعدنا في الجبل، فدخلنا في غار، فبتْنا فيه ليلَتنا، وأعجزناهم، فرجعوا وقد