للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله وأثنى عليه بالذي هو له أهلٌ، ثم قال: يا معشرَ الأنصار، ما قالةٌ بلغتني عنكم، ومَوْجِدَةٌ وجدتموها في أنفسكم! ألم آتكم ضُلّالًا فهداكم الله؛ وعالةً فأغناكم الله، وأعداءً فألّف الله بين قلوبكم! قالوا: بلَى، لله ولرسوله المنُّ والفضل! فقال: ألا تجيبوني يا معشر الأنصار! قالوا: وبماذا نُجيبُكَ يا رسول الله، لله ولرسوله المنُّ والفضلُ! قال: أما والله لو شئتم لقلتم فصَدَقْتم، ولَصُدّقْتم؛ أتيتنا مُكَذَّبًا فصَدَّقناك، ومخذولًا فنصرناك، وطريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك؛ وجَدْتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لُعَاعة من الدنيا تألّفْتُ بها قومًا ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم! أفلا ترضَوْن يا معشر الأنصار؛ أن يذهب الناس بالشاء والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالِكم! فو الذي نفس محمد بيده؛ لولا الهجرةُ لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناسُ شِعْبًا وسلكت الأنصار شِعْبًا، لسلكتُ شِعْب الأنصار! اللهمّ ارْحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار!

قال: فبكى القوم حتى أخْضَلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قِسمًا وحظًّا، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتَفرَّقوا (١). (٣: ٩٣/ ٩٤).

[[عمرة رسول الله من الجعرانة]]

٢٧١ - حدَّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سلَمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من الجِعْرانة معتمرًا، وأمر ببقايا الفيء، فحبس بمِجَنّةَ،


(١) في إسناده ابن حميد الرازي (شيخ الطبري) ضعيف ولكن له متابع عند ابن هشام فقد أخرجه من طريق ابن إسحاق هذا (٢/ ٤٩٨) وسنده حسن والحديث أخرجه أحمد في مسنده (٣/ ٧٦).
وذكر الحافظ ابن كثير حديث أبي سعيد هذا من رواية يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق (بطوله كما عند الطبري) ثم قال الحافظ عقب الحديث:
وهكذا رواه أحمد من حديث ابن إسحاق ولم يروه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه وهو صحيح (البداية والنهاية ٣/ ٦٤١)
قلنا: ونسبه الهيثمي إلى عبد الرزاق وأبو يعلى وأحمد، وصحح أسانيدهم (مجمع الزوائد ١٠/ ٣٠).
قلنا: وصححه من المعاصرين الألباني (السيرة النبوية للغزالي / ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>