للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاطئ مهران، فمضى يريده، فقال له نُصّاحه: هذا ابنُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد علمتَ أن أخاك تركه متعمدًا، مخافة أن يبوء بدمه، ولم يقصدك، إنما خرج متنزِّهًا، وخرجتَ تريد غيره. فأعرض عنه، وقال: ما كنتُ لأدَعَ أحدًا يحوزُه، ولا أدع أحدًا يحظَى بالتقرّب إلى المنصور بأخذه وقتله. وكان في عشرة، فقصد قصدَه، وذمَرَ أصحابه، فحمل عليه، فقاتله عبدُ الله وقاتل أصحابُه بين يديه حتى قُتِل وقُتلوا جميعًا، فلم يُفلِتْ منهم مخبّر، وسقط بين القتلى، فلم يشعر به. وقيل: إن أصحابه قذفوه في مهران لمّا قتِل، لئلا يؤخذ رأسه؛ فكتب هشام بن عمرو بذلك كتاب فَتْح إلى المنصور، يخبره أنه قصده قصدًا. فكتب إليه المنصورْ يحمَد أمره، ويأمره بمحاربة الملك الذي آواه؛ وذلك أن عبد الله كان اتّخذ جواري، وهو بحضرة ذلك الملك، فأولد منهنَّ واحدة محمد بن عبد الله - وهو أبو الحسن محمد العلويّ الذي يقال له ابن الأشتر - فحاربه حتى ظفر به، وغلب على مملكته وقتله، ووجّه بأمّ ولد عبد الله وابنه إلى المنصور، فكتب المنصور إلى واليه بالمدينة، يخبره بصحَّة نسب الغلام، وبعث به إليه، وأمره أن يجمع آل أبي طالب، وأن يقرأ عليهم كتابَه بصحة نسب الغلام، ويسلمه إلى أقربائه.

وفي هذه السنة قدم على المنصور ابنه المهدي من خراسان وذلك في شوال منها فوفد إليه للقائه وتهنئة المنصور بمقدَمه عامّة أهل بيته، مَنْ كان منهم بالشأم والكوفة والبصرة وغيرها، فأجازهم وكساهم وحملهم، وفعل مثل ذلك بهم المنصور، وجعل لابنه المهديّ صحابةً منهم، وأجرى لكل رجل منهم خمسمائة درهم (١).

[ذكر خبر بناء المنصور الرّصافة]

وفي هذه السنة ابتدأ المنصور ببناء الرُّصافة في الجانب الشرقيّ من مدينة السلام لابنه محمد المهدي (٢).


(١) لم نجد ما يؤيد هذه المبالغة عن توزيع الجوائز لا عند البسوي ولا خليفة ولا غيرهما من الثقات المتقدمين وهذا المتن مخالف لما عرف عن المنصور من حرص على المال العام.
(٢) [البداية والنهاية ٨/ ٦٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>