للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذُكر عن بعض قوّاد الرشيد أنّ الرشيد قال لما ورد بغداد: والله إنّي لأطوي مدينةً مَا وُضِعَتْ بشرق ولا غرب مدينة أيمن ولا أيسر منها؛ وإنها لوطني ووطن آبائي، ودار مملكة بني العباس ما بقُوا وحافظوا عليها؛ وما رأى أحدٌ من آبائي سوءًا ولا نكبة منها، ولا سيء بها أحد منهم قطّ، ولنعم الدّار هي! ولكني أريد المناخ على ناحية أهل الشقاق والنفاق والبغض لأئمة الهدى والحبّ لشجرة اللعنة - بني أمية - مع ما فيها من المارقة والمتلصّصة ومخيفي السبيل؛ ولولا ذلك ما فارقتُ بغداد ما حييت ولا خرجت عنها أبدًا.

وقال العباس بن الأحنف في طيّ الرشيد بغداد:

ما أَنخنا حتى ارْتَحَلنا فما نَفْـ ... ـرِقُ بيْنَ المناخ والارْتحالِ

ساءَلونَا عن حالِنا إِذْ قَدِمْنَا ... فَقَرَنَّا ودَاعَهُمْ بالسؤال

* * *

وفي هذه السنة كان الفداء بين المسلمين والرّوم، فلم يبق بأرض الروم مسلم إلا فودي به - فيما ذكر - فقال مروان بن أبي حفصة في ذلك:

وفُكَّتْ بِكَ الأَسرَى التي شُيّدَتْ لها ... محابِسُ ما فيها حَمِيمٌ يَزورُها

على حِين أَعيَا المسلمينَ فِكاكُها ... وقالوا: سُجُونُ المُشرِكينَ قبورُها (١)

* * *

ورابطَ فيها القاسم بدَابِق.

[ثم دخلت سنة تسعين ومائة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

* * *

* ذكر الخبر عن سبب ذلك (٢).

وكان سبب ذلك - فيما ذُكر لنا - أنْ يحيى بن الأشعث بن يحيى الطائيّ تزوّج


(١) انظر البداية والنهاية [٨/ ١٢٨].
(٢) أي ظهور دافع بن ليث ونزعه بيده من الطاعة وانظر المنتظم (٩/ ١٧٨ - ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>