ويقول قاضي القضاة أبو يوسف رحمه الله تعالى مخاطبًا الرشيد: وإذا صح عندك من العامل والوالي تعد بظلم وعسف وخيانة لك في رعيتك واحتجاز شيء من الفيء أو خبث طعمته أو سوء سيرته فحرام عليك استعماله والاستعانة به وأن تقلده شيئًا من أمور رعيتك أو تشركه في شيء من أمرك. بل عاقبه على ذلك عقوبة ترح غيره من أن يتعرض لمثل ما تعرض له. وإياك ودعوة المظلوم فإنها دعوة مجابة. [المصدر السابق / ١٢٤]. وهذه قواعد تخصّ حق السجين في المأكل والمشرب والملبس المناسب يوم لم تكن لجان للدفاع عن حقوق الإنسان ولا منظمة للعفو الدولي وإنما كانت هنالك أمة وسط تحكم الناس بشريعة رحيمة منزلة من رحمان السموات والأرض ورحيمهما. يقول أبو يوسف: ولم تزل الخلفاء يا أمير المؤمنين تجري على أهل السجون ما يقوتهم في طعامهم وأدمهم وكسوتهم الشتاء والصيف، وأول من فعل ذلك علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بالعراق، ثم فعله معاوية بالشام، ثم فعل ذلك الخلفاء من بعده. [المصدر السابق / ١٦٣]. قلت وما ذكره أبو يوسف عن سيدنا علي كرم الله وجهه يعتبر حجة على المسلمين في باب السياسة الشرعية لقوله عليه المحلاة والسلام في الحديث الصحيح "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" والسنة المعنية في هذا الحديث هي الطريقة المتبعة في السياسة وأمور الحكم كما قال أئمة الحديث.
النظر في أمر المساجين: ثم يقول أبو يوسف: وإنما يكثر أهل الحبس لقلة النظر في أمرهم، إِنما هو حبس وليس فيه نظر، فمر ولاتكَ جميعًا بالنظر في أمر أهل الحبوس في كل أيام، فمن كان عليه أدب أُدِّب وأطلق، ومن لم يكن له قضية خلى عنه، وتقدم إِليهم أن لا يسرفوا في الأدب ولا يتجاوزوا بذلك إلى ما لا يحل ولا يسع، فإنه بلغني أنهم يضربون الرجل =