معهم، لا يرجعون إليه ولا يقبلون منه. فلما فعلوا ذلك قال الله -فيما بلغنا- لشعيا: قم في قومك؛ أوح على لسانك؛ فلما قام أنطق الله لسانه بالوحي، فوعظهم وذكّرهم وخوَّفهم الغِيَر بعد أن عدّد عليهم نعم الله عليهم، وتعرَّضهم للغِيَر.
قال: فلما فرغ شعيا إليهم من مقالته عدَوا عليه -فيما بلغني- لِيقتلوه، فهرب منهم، فلقيته شجرة، فانفلقت له، فدخل فيها وأدركه الشيطان، فأخذ بُهدْبة من ثوبه فأراهم إياها، فوضعوا المنشار في وسطها، فنشروها حتى قطعوها وقطعوه في وسطها.
وقد حدّثني بقصة شعيا وقومه من بني إسرائيل وقتلهم إياه محمد بن سهل البخاريّ، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم، قال: حدَّثنا عبد الصمد بن معقل، عن وهب بن منبِّه (١). (١: ٥٣٦/ ٥٣٧).
[ذكر خبر لهراسب وابنه بشتاسب وغزو بختنصر بني إسرائيل وتخريبه بيت المقدس]
٧٦٨ - ثم ملك بعد كيخسرو من الفرس لهراسب بن كيوجي بن كيمنوش بن كيفاشين، باختيار كيخسرو إياه، فلما عقد التاج على رأسه قال: نحن مؤثِرون البِرّ على غيره. واتّخذ سريرًا من ذهب مكلَّلًا بأنواع الجواهر للجلوس عليه، وأمر فبينت له بأرض خراسان مدينةَ بلْخ، وسماها الحسناء، ودوَّن الدواوين، وقوّى ملكه بانتخابه لنفسه الجنود، وعمر الأرض، واجتبى الخراج لأرزاق الجنود، ووجه بختنصَّر، وكان اسمه بالفارسية -فيما قيل- بخترشه.
فحُدثت عن هشام بن محمد قال: مَلك لهراسب - وهو ابن أخي قبوس - فبنى مدينةَ بلْخ، فاشتدت شَوْكة الترك في زمانه، وكان منزله ببلْخ يقاتل الترك. قال: وكان بختنصّر في زمانه، وكان أصبَهبذ ما بين الأهواز إلى أرض الروم من غربيّ دجلة، فشخص حتى أتى دمشق، فصالحه أهلها ووجّه قائدًا له، فأتى بيتَ القدس فصالح ملك بني إسرائيل، وهو رجل من ولد داود، وأخذ منه رهائن وانصرف. فلما بلغ طبريّة؛ وثبت بنو إسرائيل على ملكهم فقتلوه، وقالوا: راهنت أهل بابل