للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٨٤ - وعن أبي الزّهراء، وعمرو بن ميمون، قالا: لما فصَل هرقل من شمشاط داخلًا الرّوم التفت إلى سورية، فقال: قد كنت سلّمت عليك تسليم المسافر، فأمّا اليوم فعليك السلام يا سوريَة تسليم المفارق، ولا يعود إليك روميّ أبدًا إلا خائفًا، حتى يولد المولود المشؤوم، وليته لم يولد! ومضى حتى نزل القسطنطينيّة. وأخذ أهلَ الحصون التي بين إسكندريّة وطَرسُوس معه؛ لئلّا يسير المسلمون في عمارةٍ ما بين أنطاكيَة وبلاد الرّوم، وشعّث الحصون، فكان المسلمون لا يجدون بها أحدًا، وربما كمن عندها الروم؛ فأصابوا غرّة المتخلّفين، فاحتاط المسلمون لذلك (١). (٣: ٦٠٣).

ذكر فتح قَيْساريّة وحَصْر غزّة

٣٨٥ - ذكر سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة، عن خالد، وعبادة، قالا: لما انصرف أبو عبيدة، وخالد إلى حِمْص من فِحْل، نزل عمرو، وشرحبيل على بَيْسان فافتتحاها، وصالحته الأُرْدُنّ، واجتمع عسكر الرّوم بأجناديْن، وبَيْسان وغزّة، وكتبوا إلى عمر بتفرّقهم، فكتب إلى يزيد بأن يدفئ ظهورَهم بالرّجال، وأن يسرّح معاوية إلى قَيْسارية. وكتب إلى عمرو يأمره بصدم الأرْطَبون، وإلى علقمة بصدْم الفِيقار.

وكان كتاب عمر إلى معاوية: أما بعد، فإنّي قد ولّيتك قَيساريّة، فسر إليها واستنصر الله عليهم، وأكثر من قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله، الله ربّنا وثقتنا ورجاؤنا ومولانا، نعم المولى ونعم النصير". فانتهى الرّجلان إلى ما أمرا به، وسار معاوية في جنده حتى نزل على أهل قيساريّة وعليهم أبنى، فهزمه وحصره في قيساريّة. ثم إنهم جعلوا يزاحفونه، وجعلوا لا يزاحفونه من مرّةٍ إلّا هزمهم وردّهم إلى حصنهم، ثمّ زاحفوه آخر ذلك، وخرجوا من صياصيهم، فاقتتلوا في حفيظة واستماتة، فبلغت قتلاهم في المعركة ثمانين ألفًا، وكمّلها في هزيمتهم مئة ألف، وبعث بالفتح مع رجلين من بني الضُّبيب، ثم خاف منهما الضّعف، فبعث عبدَ الله بن علقمة الفراسيّ، وزهير بن الحلاب الخثعميّ،


(١) إسناده ضعيف جدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>