للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فأخرجوهما إلى الطائف". وذكر ابن سعد أن هذه القصة وقعت بين ابن الزبير وابن عباس في سنة ست وستين. [فتح الباري (١/ ٢٢٤)].
قلنا: وإسناد الفاكهي صحيح، ولنا هنا وقفة فهذه رواية صحيحة توضح أن ابن الزبير أمر بإحضار الحطب، أو أن أتباعه فعلوا ذلك ووضع الحطب أمام دارهما (على الباب) تخويفًا لهما لكي يبايعا ابن الزبير.
أما بقية الروايات والتي لم تَصِح أسانيدها فقد بالغت كثيرًا، وذكرت أن بيتهما كان محاطًا بالحطب من كل جانب وما إلى ذلك من المبالغات والكذب والذي نفهمه من الروايات الصحيحة السابقة أن ابن عباس كان يرى ابن الزبير خليقًا بالخلافة إلَّا أنه لم يبايع فعليًا ثم تنحى رويدًا رويدًا، وابتعد عن مجلس ابن الزبير ينتظر اجتماع الناس على خليفة، والله أعلم.

تاريخ عقيدة ودُرَّةٌ من درر التاريخ الإسلامي
إن التفسير المنصف لوقائع ذلك التاريخ الخاص بذلك الرعيل الأول يبين لنا أن ذلك التاريخ تاريخ عقيدة فابن عمر رضي الله عنهما لا يبايع ليزيد في حياة أبيه معاوية رضي الله عنه كي لا تجتمع بيعتان في عنقه فيكون بذلك مخالفًا أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن خالف أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عصى الله، ولكن الأمر بختلف في نظر ابن عمر نفسه حين يتغير الوقت ويموت معاوية فالناس يومها أضحوا بلا خليفة فيسارع ابن عمر لبيعة يزيد خشية أن يبيت وليس في عنقه بيعة كي لا يموت ميتةً جاهلية.
وقد أخرج ابن سعد في طبقاته بسند موصول عن ابن عمر وهو يعظ أخاه (في الإسلام) الذي أراد أن يفر من المدينة أيام بيعة يزيد فيقول ابن عمر: "يابن عمَّ لا تفعل فإني شهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من مات ولا بيعة عليه مات ميتة جاهلية" [الطبقات الكبرى (٥/ ١٤٤)].
وهذا ابن عباس وابن الحنفية ينئيان بأنفسهما عن البيعة ليزيد أو ابن الزبير ويعرّضان أنفسهما للخطر من الجانبين ويتحملان كل ذلك حتى يجتمع أمر الناس على خليفة فينضمون إليهم ولا يكونوا سببًا لشق صف المسلمين وجماعتهم.
وها هو عبد الله بن حنظلة ابن غسيل الملائكة يبايع الناس على الموت ويقاتل حتى الرمق الأخير رفعًا للظلم والحيف الواقع على الأمة لأنه مقتنع بفسق يزيد وفجوره فأين مقولات أعداء الإسلام والذين تربوا على موائد المستشرقين ممن يقحمون العوامل الاقتصادية والتناحر القبلي وما إلى ذلك في أتون هذه الأحداث.
والذي نريد أن نقوله: أن الأمة الإسلامية يومها خرجت بدافع التدين والتقوى كي لا تكون راضية بالظلم فتكون آثمة ومن اعتزل القتال فعل ذلك بدافع التدين كذلك كما شرحنا آنفًا وأما مروان ومن ناصره فقد أخمدوا من عارضهم استتبابًا للأمن (برأيهم وزعمهم) وفي أقل =

<<  <  ج: ص:  >  >>