وقد ذكر أن الوليد بن عروة إنما كان خرج خارجًا من المدينة، وكان مروان قد كتب إلى عمه عبد الملك بن محمد بن عطية يأمره أن يحجّ بالناس وهو باليمن؛ فكان مِنْ أمره ما قد ذكرت قبلُ، فلمّا أبطأ عليه عمه عبد الملك افتعل كتابًا من عمّه يأمره بالحجّ بالناس، فحجّ بهم.
وذكر أن الوليد بن عروة بلغه قتلُ عمه عبد الملك فمضى [إلى] الذين قتلوه، فقتل منهم مقتلة عظيمة، وبقر بطون نسائهم، وقتل الصبيان، وحرّق بالنيران مَنْ قدر عليه منهم. [٧/ ٤١٠ - ٤١١].
[ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومئة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]
وذكر عليّ: أن الحسن بن رشيد وجبله بن فرّوخ أخبراه: أنّ قحطبة لما ترك ابنَ هبيرة ومضى يريد الكوفة، قال حوثرة بن سهيل الباهليّ وناس من وجوه أهل الشأم لابن هبيرة: قد مضى قحطبة إلى الكوفة، فاقصد أنت خراسان، ودعه ومروان فإنك تكسره، فبالحري أن يتبعك، فقال: ما هذا برأي، ما كان ليتبعني ويدع الكوفة؛ ولكنّ الرأي أن أبادره إلى الكوفة. ولما عبر قحطبة الفرات، وسار على شاطيء الفرات ارتحل ابن هُبيرة من معسكره بأرض الفلُّوجة، فاستعمل على مقدّمته حوثرة بن سهيل، وأمره بالمسير إلى الكوفة، والفريقان يسيران على شاطئ الفرات؛ ابن هُبيرة بين الفرات وسورا، وقحطبة في غربيه مما يلي البرّ. ووقف قحطبة فعبر إليه رجل أعرابيّ في زورق، فسلَّم على قحطبة، فقال: ممن أنت؟ قال: من طيئ، فقال الأعرابيّ لقحطبة: اشرب من هذا واسقني سؤرك، فغرف قحطبة في قصعة فشرب وسقاه، فقال: الحمد لله الذي نسأ أجلي حتى رأيتُ هذا الجيش يشرب من هذا الماء. قال قحطبة: أتتك الرواية؟ قال: نعم؛ قال: ممن أنت؟ قال: من طيِّئ، ثم أحد بني نَبْهان، فقال قحطبة: صدقني إمامي، أخبرني أن لي وقعة على هذا النهر لي فيها النصر، يا أخا بني نبهان، هل ها هنا مخاضة؟ قال: نعم ولا أعرفها، وأدلك على مَنْ يعرفها؛ السنديّ بن عصم. فأرسل إليه قحطبة، فجاء وأبو السنديّ وعون، فدلُّوه على المخاضة وأمسى ووافتْه مقدّمة ابن هبيرة في عشرين ألفًا، عليهم حَوْثرة.