للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= يحيي ويميت والذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يغالب، بل قد قهر كل شيء ودان له كل شيء، فإن كنت كما تزعم فافعل هذا، فإن لم تفعله فلست كما زعمت، وأنت تعلم وكل أحد يعلم أنك لا تقدر على شيء من هذا، بل أنت أعجز وأقل من أن تخلق بعوضة أو تنتصر منها.
فبيَّن ضلاله وجهله وكذبه فيما ادعاه، وبطلان ما سلكه وتبجح به عند جهلة قومه، ولم يبق له كلام يجيب الخليل به، بل انقطع وسكت ولهذا قال: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.

[هجرة الخليل - عليه السلام -]:
قال الله: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَال إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَينَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}، {وَنَجَّينَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالمِينَ (٧١) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَينَا إِلَيهِمْ فِعْلَ الْخَيرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} [الأنبياء: ٧١ - ٧٣].
لما هجر قومه في الله، وهاجر من بين أظهرهم، وكانت امرأته عاقرًا لا يولد لها، ولم يكن له من الولد أحد، وهبه الله تعالى بعد ذلك الأولاد الصالحين، وجعل في ذريته النبوة والكتاب، فكل نبي بعث بعده فهو من ذريته، وكل كتاب نزل من السماء على نبي من الأنبياء من بعده، فعلى أحد نسله وعقبه، خلعة من الله وكرامة له، حيث ترك بلاده وأهله وأقرباءه، وهاجر إلى بلد يتمكن فيها من عبادة ربه عزَّ وجلَّ ودعوة الخلق إليه.
الأرض التي قصدها بالهجرة أرض الشام، وهي التي قال الله عزَّ وجلَّ: {إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالمِينَ}. قاله أبي بن كعب وأبو العالية وقتادة وغيرهم. وروى العوفي عن ابن عباس قوله: {إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالمِينَ} مكة، ألم تسمع إلى قوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالمِينَ}.
ثم المشهور أن إبراهيم - عليه السلام - لما هاجر من بابل خرج بسارة مهاجرًا من بلاده كما تقدم والله أعلم.
وقال البخاري (ح ٣١٥٨) حدثنا محمد بن محبوب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة قال: "لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذباب: اثنتان منهم في ذات الله، قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ}، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} وقال: بينا هو ذات يوم وسارة، إذ أتى على جبار من الجبابرة، فقيل له: إن هاهنا رجلًا معه امرأة من أحسن الناس، فأرسل إليه وسأله عنها، فقال: من هذه؟ قال: أختي، فأتى سارة فقال: يا سارة .. ليس على وجه الأرض مؤمن غيري وغيرك، وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني.
فأرسل إليها، فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده فأُخِذ، فقال: ادعي الله لي ولا أضرك، =

<<  <  ج: ص:  >  >>