انصرف وأمر عُزَير بن السريّ بالتوكيل به، وصرف محمد بن طاهر وولّى عزيرًا نيسابور، ثم حبس محمد بن طاهر وأهل بيته، وورد الخبر بذلك على السلطان، فوجّه إليه حاتم بن زيرك بن سلام، ووردت كتب يعقوب على السلطان لعشر بقين من ذي القعدة، فقعد - فيما ذكر - جعفر بن المعتمد وأبو أحمد بن المتوكل في إيوان الجوسق، وحضر القوّاد، وأذِن لرسل يعقوب فذكر رسلُه ما تناهَى إلى يعقوب من حال أهل خراسان، وأنّ الشراة والمخالفين قد غلبوا عليها، وضعف محمد بن طاهر، وذكروا مكاتبة أهل خراسان يعقوب ومسألتهم إياه قدومَه عليهم واستعانتهم، وأنه صار إليها، فلمّا كان على عشرة فراسخ من نيسابور، سار إليه أهلُها، فدفعوها إليه فدَخلها، فتكلّم أبو أحمد وعبيد الله بن يحيى، وقالا للرسل: إنّ أمير المؤمنين لا يقارّ يعقوب على ما فعل، وأنه يأمره بالانصراف إلى العمل الذي ولاه إياه، وأنه لم يكن له أن يفعل ذلك بغير أمره فليرجع، فإنه إن فعل كان من الأولياء، وإلا لم يكلن إلا ما للمخالفين، وصرف إليه رسله بذلك ووصلوا، وخلَع على كلّ واحد منهم خلعة فيها ثلاثة أثواب؛ وكانوا أحضروا رأسًا على قناة فيه رقعة فيها: هذا رأس عدوّ الله عبد الرحمن الخارجيّ بهرَاة، ينتحل الخلافة منذ ثلاثين سنة، قتله يعقوب بن الليث.
* * *
وحجّ بالناس في هذه السنة إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عباس المعروف ببُرَيه (١).
* * *
[ثم دخلت سنة ستين ومئتين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]
فمما كان فيها من ذلك قتلُ رجل من أكراد مساور الشاري محمد بن هارون بن المعمَّر، وجده في زورق يريد سامُرّا، فقتله وحَمَل رأسه إلى مساور، فطلبت