ثم نظر إلى الأمير وأنشأ يقول:
وهذا الأَميرُ المُرتجَى سيْب كَفِّهِ ... فمَا إِن له فيمن رأَيْتُ نظيرُ
عليه رِدَاءٌ من جمالٍ وهيْبَةٍ ... ووجهٌ بإِدراكِ النجاحِ بشِيرُ
لقَد عُصِم الإِسلامُ مِنه بدَابدٍ ... به عاشَ معرُوفٌ وماتَ نكيرُ
أَلا إِنما عبدُ الإِلهِ بنُ طاهر ... لنا وَالدٌ بَرٌّ بنا، وأَميرُ
قال: فوقع ذلك من عبد الله أحسنَ موقع، وأعجبه ما قال الشيخ، فأمر له بخمسمائة دينار، وأمره أن يصحبه.
وذكر عن الحسن بن يحيى الفهريّ، قال: لقينا البُطيْن الشاعر الحمصيّ، ونحن مع عبد الله بن طاهر فيما بين سَلَميْة وحِمْص، فوقف على الطريق، فقال لعبد الله بن طاهر:
مَرْحَبًا مَرحَبًا وأَهلًا وسَهْلًا ... بابنِ ذِي الجودِ طاهِرِ بن الحُسينِ
مَرْحبًا مَرحبا وأَهلًا وسَهْلًا ... بابن ذِي الغُرَّتينِ في الدَّعوَتينِ
مَرْحبًا مرحبًا بمن كفّهُ البَحْـ ... رُ إِذا فاضَ مُزبدَ الرَّجَوَين
ما يُبالِي المأمونُ أَيَّدهُ اللـ ... ـه إِذا كنْتُما له باقيَيْنِ
أَنتَ غَرْبٌ وذَاكَ شرقٌ مقيمًا ... أَيُّ فَتقٍ أَتى منَ الجانبَيْنِ
وحقيقٌ إِذ كُنتُما في قديمٍ ... لزُريْق ومُصعبْ وحُسينِ
أَن تنالا ما نلتُماه مِن المجـ ... ـد وأَن تعْلُوَا على الثَّقَليْنِ
قال: من أنت ثكلتك أمك! قال: أنا البُطَين الشاعر الحمصيّ، قال: اركب يا غلام وانظر كم بيتًا؟ قال: سبعة، فأمر له بسبعة ألاف درهم أو بسبعمائة دينار، ثم لم يزل معه حتى دَخلوا مصر والإسكندرية، حتى انخسف به وبدابته مخرَج، فمات فيه بالإسكندرية.
* * *
[ذكر الخبر عن فتح عبد الله بن طاهر الإسكندرية]
وفي هذه السنة فتح عبد الله بن طاهر الإسكندرية - وقيل كان فتحه إياها في سنة إحدى عشرة ومائتين - وأجلَى مَنْ كان تغلّب عليها من أهل الأندلس عنها.