أبي بكر، ومحمّد بن جعفر بن أبي طالب، فلما بلغ ذلك عليًّا؛ اتّهَم قيسًا، وكتب إليه يأمره بقتال أهل خِرِبْتَا -وأهل خَربِتا يومئذ عشرة آلاف- فأبى قيس بن سعد أن يقاتلهم، وكتب إلى عليّ: إنهم وجوه أهل مصر وأشرافُهم، وأهلُ الحِفاظ منهم، وقد رَضُوا منّي أن أؤمِّن سِربَهم، وأُجرِيَ عليهم أعطياتِهم وأرزاقَهم، وقد علمت: أن هواهم مع معاوية، فلست مكايدهم بأمر أهوَن عليّ وعليك من الذي أفعل بهم، ولو أني غزوتُهم؛ كانوا لي قِرْنًا، وهم أسُود العرب، ومنهم بُسْر بن أبي أرطاة، ومسلمة بن مخلَّد، ومعاوية بن حُديج، فذَرْني فأنا أعلم بما أداري منهم، فأبى عليّ إلّا قتالَهم، وأبى قيس أن يقاتلهم.
فكتب قيس إلى عليّ: إن كنت تتّهمني؛ فاعزلني عن عملك، وابعث إليه غيري، فبعث عليٌّ الأشتر أميرًا إلى مصر، حتى إذا صار بالقلزم شربَ شربَة عسل كان فيها حتفه، فبلغ حديثهم معاوية، وعمرًا، فقال عمرو: إن لله جُندًا من عَسَل.
فلما بلغ عليًّا وفاة الأشتر بالقُلْزَم؛ بعث محمد بن أبي بكر أميرًا على مصر. فالزُّهريّ يذكر: أنّ عليًّا بعث محمد بن أبي بكر أميرًا على مصر بعد مَهلِك الأشتر بقلزم، وأما هشام بن محمد، فإنه ذكر في خبره: أنّ عليًّا بعث بالأشتر أميرًا على مصر بعد مَهلِك محمد بن أبي بكر (١). (٤: ٥٥٢/ ٥٥٣).
[ولاية محمد بن أبي بكر مصر]
١٠٦٠ - قال هشام عن أبي مخنف: فحدّثني الحارث بن كعب الوالبيّ -من والبة الأزْد- عن أبيه: أنّ عليًّا كتب معه إلى أهل مصر كتابًا، فلما قدم به على قيس؛ قال له قيس: ما بال أميرِ المؤمنين! ما غيَّره؟ أدَخَل أحدٌ بيني وبينه؟ قال له: لا، وهذا السلطان سلطانك؟ ! قال: لا، والله لا أقيم معك ساعة واحدة، وغضب حين عزله، فخرج منها مقبلًا إلى المدينة، فقدِمها، فجاءه حسان بن ثابت شامتًا به - وكان حسان عثمانيًا - فقال له: نزَعك عليّ بن أبي طالب، وقد
(١) إسناده مرسل ضعيف، ورواية يونس عن الزهري فيه منكرات وكذلك أخرجه عبد الرزاق مرسلًا (المصنف ١١/ ١٤٦).