وفي آخر شوّال منها دخل ابن أبي الساج رحبة طوق بن مالك بعد أن حاربه أهلُها، فغلبهم وهرب أحضد بن مالك بن طَوْق إلى الشأم، ثم صار ابن أبي الساج إلى قرْقِيسياء؛ فدخلها وتنحّى عنها ابن صفوان العُقيليّ.
* * *
[ذكر الخبر عن الوقعة التي كانت بين الموفّق وبين الزنج]
وفي يوم الثلاثاء لعشر خلوْن من شوال من هذه السنة، كانت بين أبي أحمد وبين الزَّنْج وقعة في مدينة الفاسق أثّر فيها آثارًا، وصل بها إلى مراده منها.
* ذكر السبب في هذه الوقعة وما كان منها:
ذكر محمد بن الحسن أنّ الخبيث عدوّ الله كان في مدّة اشتغال الموفّق بعلّته أعاد القنطرة التي كانت شَذوات نصير لجّجت فيها، وزاد فيها ما ظنّ أنه قد أحكمها، ونصب دونها أدقال ساج وصل بعضها ببعض، وألبسها الحديد، وسَكر أمام ذلك سِكْرًا بالحجارة ليضيق المدخل على الشَّذَا، وتحتدّ جرية الماء في النهر المعروف بأبي الخصيب، فيهاب الناس دخولَه، فندب الموفَّق قائديْن من قُوّاد غلمانه في أربعة آلاف من الغلمان؛ وأمرهما أن يأتيا نهر أبي الخصيب؛ فيكون أحدهما في شرقيه والآخر في غربيه؛ حتى يوافيا القنطرة التي أصلحها الفاجر وما عمل في وجهها من السّكِرْ فيحاربا أصحاب الخبيث حتى يجلياهم عن القنطرة، وأعدّ معهما النجارين والفعلة لقطع القنطرة والبدود التي كانت جعلت أمامها، وأمر بإعداد سفن محشوّة بالقصب المصبوب عليه النّفط، لتدخل ذلك النهر المعروف بأبي الخصيب، وتضرم نارًا لتحترق بها القنطرة في وقت المدّ، فركب الموفّق في هذا اليوم في الجيش حتى وافى فوّهة نهر أبي الخصيب، وأمر بإخراج المقاتلة في عدّة مواضع من أعلى عسكر الخبيث وأسفله، ليشغلهم بذلك عن التعاون على المنع عن القنطرة، وتقدّم القائدان في أصحابهما، وتلقاهما أصحاب الخائن من الزَّنْج وغيرهم، يقودهم ابنه أنكلاي وعليّ بن أبان المهلبيّ وسليمان بن جامع، فاشتبكت الحرب بين الفريقيْن، ودامت، وقاتل الفسقة أشدّ قتال، محاماةً عن القنطرة، وعلموا ما عليهم في قطعها من الضّرر، وأنّ الوصول إلى ما بعدها من الجسرين العظيمين اللّذْين كان الخبيث اتخذهما على