سعد: إنّ بعضَ أمراء المدينة يريد أن يبعث إليك تَسُبُّ عليًّا عند المنبر، قال: أقول ماذا؟ قال: تقول: أبا تراب، قال: والله ما سَمّاه بذلك إلّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلتُ: وكيف ذاك يا أبا العبّاس؟ قال: دخل عليّ على فاطمة، ثم خرج من عندها، فاضطجع في فَيء المسجد. قال: ثم دخلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فاطمة، فقال لها: أين ابنُ عمِّك؟ فقالت: هو ذاك مضطجع في المسجد، قال: فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فوجده قد سقط رداؤه عن ظهره، وخلَص التراب إلى ظهره، فجعل يمسح التّراب عن ظهره، ويقول: اجلس أبا تراب. فوالله ما سَمّاه به إلّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ووالله ما كان له اسمٌ أحبّ إليه منه! (١)(٢/ ٤٠٩).
[[سرية عبد الله بن جحش]]
٧٣ - قال أبو جعفر الطبريّ: ولمّا رَجَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طلب كُرْز بن جابر الفِهريّ إلى المدينة، وذلك في جُمادى الآخرة، بعث في رجب عبدَ الله بن جَحْش معه ثمانية رهْط من المهاجرين؛ ليس فيهم من الأنصار أحدٌ؛ فيما حدَّثنا ابن حُمَيد، قال: حدَّثنا سلَمة قال: حدّثني محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني الزّهريُّ ويزيد بن رُومان؛ عن عُرْوة بن الزبير بذلك.
رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق، عن الزهريّ ويزيد بن رُومان، عن عروة، قال: وكتبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له كتابًا -يعني لعبد الله بن جَحْش- وأمره ألّا ينظر فيه حتى يسير يومين؛ ثم ينظر فيه فيَمضي لما أمرَه به، ولا يستكرِه أحدًا من أصحابه، فلمّا سار عبدُ الله بن جحش يومين، فتح الكتاب، ونظر فيه، فإذا فيه:"وإذا نظرتَ في كتابي هذا؛ فسِرْ حتى تنزل نَخْلة بين مكَّة والطَائف؛ فترصَّدْ بها قريشًا، وتعلَّمْ لنا من أخبارهم" فلمّا نظرَ عبدُ الله في الكتاب، قال: سمعًا وطاعةً؛ ثم قال لأصحابه: قد أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أمضيَ إلى نَخْلة، فأرصد بها قريشًا حتى آتيَه منهم بخبَر، وقد نهاني أن أستكرِهَ أحدًا منكم؛ فمن كان منكم
(١) رجاله رجال الصحيح غير المحاربي وهو صدوق كما قال الحافظ في التقريب: وهذه الرواية تبين أنه - صلى الله عليه وسلم - سمّى عليًّا أبا تراب في المسجد وهذا مخالف للروايتين السابقتين للطبري (قسم الضعيف) في أنه - صلى الله عليه وسلم - سمّاه بذلك في غزوة العشيرة وحديث تسميته بأبي تراب (عندما وجده نائمًا في المسجد) في صحيح البخاري وبه يؤخذ والله تعالى أعلم.