وهذا هو اختيار موسى بن عقبة والواقدي والبيهقي وحكاه ابن هشام عن الزهري. قال البيهقي رحمه الله: إنه اختلف أهل المغازي في فرارهم وانحيازهم، فمنهم من ذهب إلي ذلك ومنهم من زعم أن المسلمين ظهروا علي المشركين وأن المشركين انهزموا. قال: وحديث أنس بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ثم أخذها خالد ففتح الله علي يديه، يدل علي ظهورهم عليهم والله أعلم (البداية والنهاية ٣/ ٤٩١). قلنا: وقد أخرج ابن سعد في طبقاته من حديث أبي عامر رضي الله عنه قال: (بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي الشام فلما رجعت مررت علي أصحابي وهم يقاتلون المشركين بمؤتة ... الحديث وفيه: فأخذ خالد اللواء ثم حمل علي القوم فهزمهم الله أسوأ هزيمة رأيتها قط حتى وضع المسلمون أسيافهم حيث شاؤوا ... إلخ). قلنا: وإسناد ابن سعد موصول (٢/ ٣١٤) طبعة دار إحياء التراث، إلا أنه من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي ضعفه غير واحد وقال الحافظ: صدوق سييء الحفظ. وعلى أية حال فحديثه يصبح في المتابعة والشواهد والله تعالى أعلم. وأما من المعاصرين فقد فسّر الأستاذ العمري الفتح المذكور في الحديث بقوله: والمراد بالفتح في هذا الحديث الصحيح إما الانسحاب المنظم الناجح، وإما أوقعه المسلمون بالروم من خسائر رغم تفوقهم العددي الكبير (السيرة النبوية ٢/ ٤٦٩).