والمَرْوة، ثمّ حجّ بالناس الحجَّاجُ، فرأيتُه واقفًا بالهَضَبات من عَرَفة على فرس، وعليه الدِّرع والمِغفرَ، ثم صَدَر فرأيتهُ عَدَل إلى بئر ميمون، ولم يَطفْ بالبيت وأصحابه متسلّحون، ورأيتُ الطَّعام عندهم كثيرًا، ورأيت العير تأتي من الشام تحمل الطَّعام؛ الكعْك والسَّويق والدَّقيق؛ فرأيتُ أصحابَه مخاصيبَ، ولقد ابْتعْنا من بعضهم كعكًا بدرْهم، فكفانا إلى أن بَلغنا الجُحْفة وإنَّا لثلاثة نفر. (٦/ ١٧٥).
قال محمَّد بن عمر: حدّثني مصعب بنُ ثابت، عن نافع مَولى بني أسَد، قال: - وكان عالمًا بفتنة ابنِ الزّبير - قال: حُصر ابنُ الزبير ليلةَ هلالِ ذي القعدة سنة اثنتين وسبعين. (٦/ ١٧٥).
[أمر عبد الله بن خازم السلمي مع عبد الملك]
وقال بعضهم: بَعث عبدُ الملك إلى ابن خازم سِنانَ بن مكمّل الغَنويّ، وكتب إليه: إنّ خُراسان طُعْمة لك، فقال له ابن خازم: إنما بَعثك أبو الذِّبّان لأنك من غَنِيّ، وقد عَلم أني لا أقتُل رجلًا من قيس، ولكن كُلْ كِتابَه.
قال: وكتب عبدُ الملك إلى بكير بن وشاح أحد بني عَوْف بن سعد - وكان خليفة ابن خازم على مَرْو - بعهده على خراسان ووعده ومنَّاه، فخلع بكيرُ بن وشاح عبدَ الله بن الزبير، ودعا إلى عبد الملك بن مروان، فأجابه أهل مَرْوَ، وبلغ ابنَ خازم فخاف أن يأتيَه بُكيَر بأهل مَرْوَ، فيجتمع عليه أهلُ مَرْو وأهل أبَرشَهْر، فترك بَحِيرًا، وأقبل إلى مرْو يريد أن يأتيَ ابنه بالتِّرمِذ، فأتبعه بحير، فلحقه بقرية يقال لها بالفارسية:"شاهميغد"، بينها وبين مَرو ثمانية فرَاسخ.
قال: فقاتله ابن خازم، فقال مولىً لبني ليث: كنت قَريبًا من معترك القوم في منزل، فلما طَلعت الشمسُ تهايجَ العسكران، فجعلتُ أسمعُ وقْعَ السيوف، فلمَّا ارتَفَع النهارُ خفيَت الأصواتُ، فقلتُ: هذا لارتفاع النَّهار، فلمَّا صلَّيت الظهر - أو قبلَ الظهر - خرجتُ، فتلَقَّاني رجل من بني تميم، فقلتُ: ما الخبر؟ قال: قتلتُ عدوَّ الله ابن خازم وهاهو ذا، وإذا هو محمول على بغل، وقد شدّوا في مَذاكِيره حَبْلًا وحجرًا وعدلوه به على البَغْل.
قال: وكان الَّذي قتله وكيعُ بن عُمَيْرة القُرَيعيّ وهو ابن الدَّوْرَقِيَّة، اعتَور عليه بحير بن وَرْقاء وعمَّار بنُ عبد العزيز الجُشميّ ووكيع، فطعَنوه فصَرَعوه، فقعد