للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الأمويين وانتقال إدارة الخلافة إلى بني العباس والله ولي التوفيق وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

أسباب انحسار أمر بني أمية في الشرق الإسلامي وانتقال إدارة الخلافة إلى بني العباس
وقبل أن ندخل في التفاصيل نحاول أن نفسّر جانبًا من تأريخ القرون الأولى الفاضلة تفسيرًا إسلاميًا فبعد أن ميّزنا الصحيح من السقيم من بين الروايات التأريخية نريد أن تتوضح لدينا صورة التاريخ الإسلامي أكثر فأكثر حين نربطها بسنن وكليات عن التفسير الإسلامي للتأريخ علمًا بأن هذا التفسير لا يغفل العوامل المادية والبشرية بل هي تحتل مساحة كبيرة مصداقًا لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، وكما أننا دافعنا عن عدالة الصحابة وحاولنا ما استطعنا أن نظهر حقائق التاريخ الإسلامي كما هي ونفينا تلك الشبه الموجهة إلى الخلفاء الأمويين وأئمة أهل البيت على حد سواء فإننا نرى لزامًا أن نبيّن المظالم التي حدثت في عهد بعضهم وكانت معاول هدم في جسد الخلافة.
١ - من السنن التأريخية التي تحدث عنها القرآن الكريم قوله تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} وخصوص السبب لا ينفي عموم اللفظ ونسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية قوله: (دولة الإسلام لا تدوم مع الظلم، ودولة الكفر تدوم مع العدل) ومن أسباب انحسار أمر بني أمية وتخليهم عن إدارة الخلافة وقوع هذه المظالم؛ أوقعة الحرة، وقعة كربلاء، حصار الكعبة، هذه الوقائع المعروفة أدت إلى استشهاد عدد من الصحابة والتابعين من بينهم سيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي رضي الله عنهما، وابن حواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وابن غسيل الملائكة، وآخرون ذكرنا أسماءهم في حينها.
أضف إلى ذلك تولي الحجاج بن يوسف إمارة العراق وما جاورها من الشرق لعقدين من الزمان واستبداده وظلمه معروف للقاصي والداني وقد ختم مظالمه بقتله إمام التابعين وسيدهم سعيد بن جبير رضي الله عنه.
نقول إن ما سبق ذكره من المظالم ترك جرحًا كبيرًا في جسد الأمة أرّق وأقلق علماءها وخواصها قبل عوامّها، وكما هو معلوم فإنّ من الكليات التي تحدث عنها القرآن الكريم قوله تعالى: {لَيسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} فقد أفل نجمهم في تلك البلاد نتيجة لما كسبت أبديهم - ومع ذلك فإن الدارس لتاريخ الطبري (قسم الصحيح) فيما يتعلق بأيام الخلافة في عهد الأمويين يتبيّن له أن مساحة تلك المظالم ضئيلة بالنسبة لأعمال الخير والعدل والجهاد والإعمار ونشر الإسلام في أرجاء المعمورة والتي قام بها أولئك الخلفاء والقادة العظام ومن ورائهم أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولقد أثبتنا أن سيرة كثير من الخلفاء الأمويين راحت ضحية التزوير والتلفيق التأريخي. =

<<  <  ج: ص:  >  >>