للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لي الجارود: أيّها الأمير! ذهب الجند، فقلت: إنك سترى أمرك، فما لبثنا أن رجعت خيلُهم، ليس عليها فرسانها، والمسلمون يتبعونهم يقتلونهم، فنثرت الرؤوس بين يديّ، ومعي بعض ملوكهم - يقال له المُكَعْبِر، فارقَ كسرى ولحِق بي - فأتِيتُ برأس ضخم، فقال المُكَعْبِر: هذا رأس الازدهاق -يعني: شهرك - فحوصروا في مدينة سابور، فصالحهم -وملكهم آذَرْبِيان- فاستعان الحَكَم بآذَرْبيان على قتال أهل إصْطَخر، ومات عُمر - رضي الله عنه -؛ فبعث عثمان عُبيدَ الله بن معمر مكانَه، فبلغ عبيد الله أن آذَرْبيان يريد أن يغدِر بهم، فقال له: إنّي أحبّ أن تتخذ لأصحابي طعامًا، وتذبح لهم بقرة، وتجعل عظامها في الجَفْنة التي تليني، فإنّي أحبّ أن أتمشَّش العظام. ففعل، فجعل يأخذ العظم الذي لا يكسر إلا بالفؤوس، فكسره بيده، فيتمخّخه - وكان من أشدّ الناس - فقام الملك، فأخذ برجله، وقال: هذا مقام العائذ. فأعطاه عهدًا، فأصابت عبيد الله منجنيقة، فأوصاهم، فقال: إنكم ستفتحون هذه المدينة إن شاء الله فاقتلوهم بي فيها ساعة. ففعلوا فقتلوا منهم بشرًا كثيرًا.

وكان عثمان بن أبي العاص لحق الحكَم، وقد هزم شهرك، فكتب إلى عمر: إنّ بيني وبين الكوفة فُرْجة أخاف أن يأتيَني العدوّ منها. وكتب صاحب الكوفة بمثل ذلك: إنّ بيني وبين كذا فُرجة. فاتفق عنده الكتابان، فبعث أبا موسى في سبعمئة، فأنزلهم البصرة (١). (٤: ١٧٦/ ١٧٧).

ذكر فتح فساودارا بِجَرْدَ

٥٨١ - كتب إليّ السريّ عن شعيب، عن سيف، عن أبي عمر دِثار بن أبي شبيب، عن أبي عثمان وأبي عمرو بن العلاء، عن رجل من بني مازن، قالا: كان عمر قد بعث سارية بن زُنيم الدؤليّ إلى فَسا ودارَابِجِرْد؛ فحاصرهم. ثم إنهم تداعَوْا فأصحرُوا له، وكثَرُوه فأتوه من كلّ جانب، فقال عمر وهو يخطب في يوم جمعة: يا سارية بن زُنيم! الجبل، الجبل! ولما كان ذلك اليوم وإلى جنب المسلمين جبل، إن لجؤوا إليه؛ لم يؤتوا إلّا من وجه واحد، فلجؤوا إلى الجبل، ثم قاتلوهم فهزموهم، فأصاب مغانمهم، وأصاب في المغانم


(١) إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>