وفي هذه السنة ١٢٩ هـ تحركت الإباضية (تأريخ خليفة / ٤١١)، وفي أواخر سنة ١٢٩ هـ وبداية ١٣٠ هـ تجهز أبو حمزة وسار نحو المدينة المنورة إلخ ما ذكره خليفة في تأريخه. نقول هذه هي الظروف التي انطلقت فيها حركة التجديد التغييرية رافعة شعار الرضا من آل محمد، فقدر الله للجموع الزاحفة أن تتقدم وتدخل المدن الواحدة تلو الأخرى ابتداءً من خراسان وانتهاء بالكوفة حيث بايع الناس أمير المؤمنين أبا العباس عبد الله سنة ١٣٢ هـ، وأرخ خليفة لأول ظهور للدعوة على الملأ برمضان من سنة ١٢٩ هـ إذ يقول خليفة رواية عن شيخه الصدوق محمد بن ساوية قال: حدثني بيهس بن حبيب الرام، قال: ظهر أبو مسلم في رمضان سنة تسع وعشرين ومئة (تأريخ خليفة / ٤٣١). وقبل أن ننتهي من هذا الفصل نعود فنقول إن الأمة بكل صنوفها شاركت في هذه الحركة التغييرية التجديدية (علماء، وقادة، وأمراء، وعامة) وكما ذكرنا في قسم الصحيح فإن ابن الأمير الأموي القسري وهو محمد بن خالد بن عبد الله القسري قد رفع الأعلام السوداء ودعا إلى البيعة لآل محمد في مدينته الكوفة فسهل دخول الحسن بن قحطبة على رأس الجيش الزاحف ودون إراقة دماء وهيأ بذلك الأجواء لخروج الخليفة العباسي الأول من مخبأه بالكوفة ليبايعه الناس علنًا وبفتح الكوفة اجتازت هذه الحركة مرحلة حرجة للغاية، وخرجت من عنق الزجاجة كما يقولون - ورواية أخرى عند الطبري -كما في قسم الصحيح تبين أن سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب سليل ذلك القائد الأموي الشجاع يسوّد بالبصرة قبل دخول الجيوش الزاحفة والبصرة ثاني أكبر مدينة آنذاك بولاية العراق وكل ذلك يعني أن القيسي واليماني والخراساني والعراقي والشامي والقرشي، وبعبارة أخرى الأمة بجميع شرائحها شاركت في هذا التغيير، فأين يذهب أعداء التأريخ الإسلامي من هذه الحقيقة التأريخية؟ وعبارات الروايات الصحيحة واضحة، منها على سبيل المثال لا الحصر: (وفي سنة اثنين وثلاثة ومئة سوّد سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بالبصرة ودعي إلى بيعة ... الخبر) (تأريخ خليفة / ٤٢٦).
الصراع القيسي اليماني بين الحقيقة والمبالغة: إن غياب السلطة الإدارية الجازمة للخليفة (من أمثال هشام بن عبد الملك) وغياب قادة الفتح =