ذكر الخبر عن تبييض أبي الورد وما آل إليه أمره وأمر من بيّض معه
وكان سبب ذلك فيما حدثني أحمد بن زهير - قال: حدّثني عبد الوهاب بن إبراهيم، قال: حدّثني أبو هاشم مخلد بن محمد بن صالح، قال: كان أبو الوَرْد - واسمه: مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابيّ، من أصحاب مَرْوان وقوّاده وفرسانه - فلما هُزِم مروان، وأبو الورد بقنَّسرين، قدِمها عبد الله بن عليّ فبايعه ودخل فيما دخل فيه جندُه من الطاعة، وكان ولد مسلمة بن عبد الملك مجاوِرين له ببالِس والناعورة، فقدِم بالس قائد من قوّاد عبد الله بن عليّ من الأزارمردين في مئة وخمسين فارسًا، فبعث بولد مسلَمة بن عبد الملك ونسائهم، فشكا بعضهُم ذلك إلى أبي الورْد، فخرج من مزرعة يقال لها زرّاعة بني زفر - ويقال لها خُساف - في عدّة من أهل بيته؛ حتى هجَم على ذلك القائد وهو نازل في حصن مسلمة؛ فقاتله حتى قتله ومَن معه، وأظهر التبييض والخَلْع لعبد الله بن عليّ، ودعا أهل قنّسرين إلى ذلك، فبيّضوا بأجمعهم، وأبو العباس يومئذ بالحيرة وعبد الله بن عليّ يومئذ مشتغل بحرْب حبيب بن مرّة المرّيّ، فقاتله بأرض البلْقاء والبثنيّة وحُوران، وكان قد لقيه عبد الله بن عليّ في جموعه فقاتلهم، وكان بينه وبينهم وقعات؛ وكان من قوّاد مَرْوان وفرسانه، وكان سبب تبييضِه الخوف على نفسه وعلى قومه، فبايعتْه قيس وغيرهم ممن يليهم من أهل تلك الكور؛ البثنية وحُوران فلما بلغ عبد الله بن علي تبييضُهُم، دعا حبيب بن مرّة إلى الصلح فصالحه وآمنه ومن معه، وخرج متوجّهًا نحو قنَّسرين للقاء أبي الوْرد، فمرّ بدمشق، فخلف فيها أبا غانم عبد الحميد بن ربعيّ الطائيّ في أربعة آلاف رجل من جنده؛ وكان بدمشق يومئذ امرأة عبد الله بن عليّ أمّ البنين بنت محمد بن عبد المطلب النوفليّة أخت عمرو بن محمد، وأمهات أولاد لعبد الله وثَقَل له. فلما قدِم حِمْص في وجهه ذلك انتقض عليه بعده أهلُ دمشق فبيّضوا، ونهضوا مع عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزديّ، قال: فلقُوا أبا غانم ومَنْ معه، فهزموه وقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة، وانتهبوا ما كان عبد الله بن عليّ خلّف من ثقَله ومتاعه؛ ولم يعرِضوا لأهله، وبيّض أهل دمشق