واستجمعوا على الخلاف، ومضى عبد الله بن عليّ - وقد كان تجمّع مع أبي الوْرد جماعة أهل قنَّسرين، وكاتبوا مَنْ يلِيهم من أهل حِمْص وتَدْمر، وقدمهم ألوف، عليهم أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فرأسوا عليهم أبا محمد، ودعوا إليه وقالوا: هو السفيانيّ الذي كان يذكر وهم في نحو من أربعين ألفًا - فلما دنا منهم عبد الله بن عليّ وأبو محمد معسكر في جماعته بمرْج يقال له مرْج الأخرم - وأبو الورْد المتولى لأمر العسكر والمدبّر له وصاحب القتال والوقائع - وجّه عبد الله أخاه عبد الصمد بن عليّ في عشرة آلاف من فرسان من معه؛ فناهضهم أبو الورْد، ولقيَهم فيما بين العسكرين، واستحرَّ القتل فيما بين الفريقيْن، وثبت القوم، وانكشف عبد الصمد ومَن معه، وقتِل منهم يومئذ ألوف، وأقبل عبد الله حيث أتاه عبد الصمد ومعه حُميد بن قحطبة وجماعة ممَّن معه من القوّاد، فالتقوْا ثانية بمرْج الأخرم، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وانكشف جماعة ممّن كان مع عبد الله، ثم ثابوا، وثبت لهم عبد الله وحميد بن قحطبة فهزموهم، وثبت أبو الورْد في نحو من خمسمئة من أهل بيته وقومه، فقتلوا جميعًا وهرب أبو محمد ومَن معه من الكلبيّة حتى لحقوا بتدمُر، وآمن عبد الله أهلَ قنَّسرين، وسوّدوا وبايعوه، ودخلوا في طاعته؛ ثم انصرف راجعًا إلى أهل دمشق، لما كان من تبييضهم عليه، وهزيمتهم أبا غانم، فلما دنا من دمشق هرَب الناس وتفرقوا، ولم يكن بينهم وقعة، وآمن عبد الله أهلها وبايعوه ولم يأخذهم بما كان منهم.
قال: ولم يَزَلْ أبو محمد متغيّبًا هاربًا؛ ولحق بأرض الحِجَاز، وبلغ زياد بن عبيد الله الحارثيّ عامل أبي جعفر مكانه الذي تغيّب فيه، فوجّه إليه خيلًا، فقاتلوه حتى قُتِل وأخذ ابنيْن له أسيرين، فبعث زياد برأس أبي محمد وابنيه إلى أبي جعفر أمير المؤمنين، فأمر بتخلية سبيلهما وآمنهما.
وأما عليّ بن محمد فإنه ذكر أنّ النعمان أبا السريّ حدّثه وجبلة بن فرّوخ وسليمان بن داود وأبو صالح المروزيّ، قالوا: خلع أبو الورد بقنَّسرين، فكتب أبو العباس إلى عبد الله بن عليّ وهو بفُطْرُس أن يقاتلَ أبا الورد، ثمّ وجّه عبد الصمد إلى قنَّسرين في سبعة آلاف، وعلى حرسه مخارق بن غفار، وعلى شُرَطه كلثوم بن شبيب؛ ثم وجّه بعده ذؤيب بن الأشعث في خمسة آلاف، ثم