وأما البرامكة فإنها - فيما ذُكِر - تزعم أنّ الرشيد وُلد أول يوم من المحرم سنة تسع وأربعين ومائة، وكان الفضل بن يحيى ولد قبله بسبعة أيام، وكان مولد الفضل لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وأربعين ومائة، فجعِلت أمّ الفضل ظئرًا للرشيد، وهي زينب بنت منير، فأرضعت الرّشيد بلِبان الفضل، وأرضعت الخيزُران الفضل بلِبان الرّشيد.
وذكر سليمان بن أبي شيخ أنه لمّا كان الليلة التي تُوفِّيَ فيها موسى الهادي أخرج هَرْثمةُ بن أعين هارون الرشيد ليلًا فاقعده للخلافة، فدعا هارونُ يحيى بن خالد بن برمك - وكان محبوسًا، وقد كان عزم موسى على قتله وقَتْل هارون الرشيد في تلك الليلة - قال: فحضر يحيى، وتقلّد الوزارة، ووجّه إلى يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب فأحضره، وأمره بإنشاء الكتُب، فلما كان غداةَ تلك الليلة، وحضر القوّاد قام يوسف بن القاسم، فحمِد الله وأثنى عليه وصلى على محمد - صلى الله عليه وسلم -، ثم تكلم بكلام أبلغ فيه، وذكر موت موسى وقيام هارون بالأمر من بعده، وما أمر به للنّاس من الأعطيات.
وذكر أحمد بن القاسم، أنه حدّثه عمّه عليّ بن يوسف بن القاسم هذا الحديث، فقال: حدّثنِي يزيد الطبريّ مولانا أنه كان حاضرًا يحمل دواة أبي يوسف ابن القاسم، فحفِظ الكلام. قال: قال بعد الحمد لله عزّ وجل والصلاة على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:
إن الله بمنِّه ولطفه منَّ عليكم معاشر أهل بيت نبيّه بيت الخلافة ومعدن الرسالة، وآتاكم أهل الطاعة من أنصار الدّوْلة وأعوان الدّعوة، من نِعَمِهِ التي لا تحصى بالعدد، ولا تنقضي مدى الأبد، وأياديه التافة، أنْ جمع أُلفتكم وأعلى أمركم، وشدّ عَضُدكم، وأوهن عدوّكم، وأظهر كلمة الحقّ، وكنتم