وقال الخطيب: كان عالمًا بأيام الناس حافظًا للسير (تأريخ بغداد ١١/ ١٤٨ / ت ٥٨٤٥) وروايته هذه رواية تأريخ وليست برواية حديث ولذلك بحثنا في الروايات التأريخية الصحيحة عن ما يؤيده، فأما عزله لخالد وتأميره لأبي عبيدة على قيادة الجيش فذلك ما اتفق عليه المؤرخون كما سبق أن ناقشنا، وأما كون أول كتاب كتبه هو إلى أبي عبيدة فلم نجد نصًّا تأريخيًا صحيحًا وصريحًا يؤكد ذلك، إلّا أننا نستطيع أن نقول بأن كتابه إلى أبي عبيدة كان من أوائل ما كتب رضي الله عنه فمعركة اليرموك كانت في السنة الأولى أو الثانية من خلافته، وقد أرسل رضي الله عنه كتابًا إلى أبي عبيدة وبقية القادة يذكرهم بتقوى الله كما ذكرنا قبل وسنعيد الاستشهاد به هنا: فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده (١ / ح ٣٤٤ طبعة شاكر) عن سماك قال: سمعت عياضًا الأشعري قال: شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء: أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وخالد بن الوليد وعياض -وليس عياض هذا بالذي حدث سماكًا- قال: وقال عمر: إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة. قال: فكتبنا إليه أن قد جاش إلينا الموت أو استمددناه. فكتب إلينا: أنه قد جاءني كتابكم تستمدوني وإني أدلكم على من هو أعز نصرًا وأحضر جندًا؛ الله عزَّ وجلَّ، فاستغفروه فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد نصر يوم بدرٍ في أقلّ من عددكم فإذا أتاكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني قال: فقاتلناهم فهزمناهم. وصحح العلامة شاكر إسناده والله تعالى أعلم.