وفي هذه السنة بنى المأمون ببُورَان بنت الحسن بن سهل في رمضان منها (١).
ذكر الخبر عن أمر المأمون في ذلك وما كان في أيام بنائه:
ذُكر أنّ المأمون لمّا مضى إلى فم الصِّلح إلى معسكر الحسن بن سهل، حمل معه إبراهيمَ بن المهديّ، وشخص المأمون من بغداد حين شخص إلى ما هنالك للبناء ببوران، راكبًا زورقًا، حتى أَرْسى على باب الحسن؛ وكان العباس بن المأمون قد تقدّم أباه على الظَّهْر؛ فتلقّاه الحسن خارجًا عسكره في موضع قد اتُّخذ له على شاطئ دِجلة، بُنيَ له فيه جوسق؛ فلما عاينه العبّاس ثنى رجله لينزل، فحَلف عليه الحسن ألَّا يفعل، فلمّا ساواه ثنى رجلَه الحسن لينزل، فقال له العباس: بحقّ أميرِ المؤمنين لا تنزل؛ فاعتنقه الحسن وهو راكب. ثم أمر أن يقدّم إليه دابّته، ودخلا جميعًا منزل الحسن، ووافى المأمون في ودت العشاء، وذلك في شهر رمضان من سنة عشر ومائتين، فأفطر هو والحسن والعباس - ودينار بن عبد الله قائم على رجله - حتى فرغوا من الإفطار، وغسلوا أيديهُم، فدعا المأمون بشراب، فأتيَ بجام ذهب فصُبَّ فيه وشرب، ومدّ يده بجام فيه شراب إلى الحسن؛ فتباطأ عنه الحسن؛ لأنه لم يكن يشرب قبل ذلك، فغمز دينار بن عبد الله الحسنَ. فقال له الحسن: يا أميرَ المؤمنين، أشربه بإذنك وأمرك؟ فقال له المأمون: لولا أمري لم أمدد يدي إليك، فأخذ الجام فشربه. فلما كان في الليلة الثانية، جمع بين محمد بن الحسن بن سهل والعباسة بنت الفضل ذي الرئاستين، فلمّا كان في الليلة الثالثة دخل على بوران، وعندها حمدونة وأمّ جعفر وجدّتها؛ فلما جلس المأمون معها نثرت عليها جدّتها ألف درّة كانت
(١) وقد أكد القاضي وكيع في كتابه أخبار القضاة هذا الخبر في ترجمة القاضي يحيى بن أكثم: ثم خرج المأمون إلى فم الصلح إلى الحسن بن سهل يشبب بتومان ابنته انظر تأريخ الطبري (٨/ ٦٠٩) والمنتظم (١٠/ ٢١٦).