وعشرون امرأة، فتوّج المعتصم الأفشين وألبسه وشاحين بالجوهر، ووصله بعشرين ألف درهم، منها عشرة آلاف ألف صلة وعشرة آلاف ألف درهم يفرِّقها في أهل عسكره، وعقد له على السَّند وأدخل عليه الشعراء يمدحونه، وأمر للشعراء بصلات، وذلكَ يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر، وكان مما قيلَ فيه قول أبي تمام الطائيّ:
بذَّ الجلادُ البذَّ فهو دفينُ ... ما إِن به إلَّا الوحوش قطينُ
لم يقر هذا السيفُ هَذَا الصَّبر في ... هَيْجاءَ إلَّا عَزَّ هذا الدين
قد كان عُذرةَ سُودَد فافتضَّها ... بالسيفِ فَحْلُ المشرقِ الأَفشين
فأَعادها تَعوِي الثعالبُ وسطها ... ولقد تُرى بالأَمس وهي عرينُ
هطلتْ عليها من جَماجِمِ أَهلها ... دِيَمٌ أَمارَتُها طُلىً وشؤون
كانت من المُهَجات قبلُ مفازةً ... عِسرًا فأَضحتْ وهي منه مَعين
[[ذكر خبر إيقاع الروم بأهل زبطرة]]
وفي هذه السنة أوقع تَوفِيل بن ميخائيل صاحب الروم بأهل زَبَطرة، فأسرهم وخرب بلدهم، ومضى من فوره إلى مَلَطية فأغار على أهلها وعلى أهل حصون من حصون المسلمين؛ إلى غير ذلك؛ وسبا من المسلمات - فيما قيل - أكثر من ألف امرأة، ومثَّل بمن صار في يده من المسلمين، وسمَل أعينهم، وقطع آذانهم، وآنافهم (١).
[ذكر الخبر عن سبب فعل صاحب الروم بالمسلمين ما فعل من ذلك]
ذُكر أنّ السبب في ذلكَ كان ما لحق بابك من تضييق الأفشين عليه وإشرافه على الهلاك، وقهْر الأفشين إياه؛ فلما أشرف على الهلاك، وأيقن بالضَّعْفِ من نفسه عن حربه، كتب إلى ملك الروم توفيل بن ميخائيل بن جُورجس؛ يعلمه أن ملك العرب قد وجَّهَ عساكرهُ ومقاتلتهُ إليه حتى وجَّهَ خيَّاطه - يعني جعفر بن
(١) انظر المنتظم (١١/ ٧٨) والبداية والنهاية (٨/ ١٧٤) وجعل ابن قتيبة هذه الحادثة سببًا مباشرًا فقال ونزلت الروم زبطرة فتوجه أبو إسحاق غازيًا في جمادى الآخرة سنة ٢٢٣ هـ[المعارف ٢٠٠].